الثقافي

الكاتب الشاب يوسف حاجي للديوان… “المثقف هو ذلك القارئ المتحرر من عقدة التعصب لتيار معين”

حاوره / أ، لخضر بن يوسف

يوسف حاجي ، من مواليد 15 مارس 1988،  حاصل على الليسانس تخصص تحليل الخطاب الأدبي2013 ، وشهدة الدراسات التطبيقية تخصص علم نفس تربوي 2013 ، حاصل على شهادة الماستر في الأدب العربي 2015تخصص تحليل الخطاب  ، له العديد من الأعمال والمؤلفات منها : قراءة جديدة للشعر الجاهلي ، أخف الضررين ، الأمويون والعلمانية ،الشيصبان –رواية – ، أضواء على مشاكل التعليم في الجزائر –قيد التدقيق والتمحيص – ، مقالات : الخطاب الأبي بين المناهج النسقية والمناهج السياقية

 حدثنا عن تجربتك في الكتابة؟

تعود تجربتي إلى أيام المتوسط كنت أخصّص دفترا أدون فيه كل معلومة جديدة بالنسبة لي، ساعتها لم تكن هناك إنترنت ، فكانت مصدر جمع المعلومات مكتبة المتوسطة ، كنت أستعير الكتاب لمدة أسبوع ،  أستعيره يوم الخميس لأتفرّغ لتفريغ أهم المعلومات  التي يحويها في دفتري وأول كتاب طالعته ” عالم المحيطات أو البحار” سنة 2001، يتحدث عن أنواع الأسماك الموجودة في البحار وأسمائها وصورها، وكنت أطالع الجرائد بعد أن يفرغ الأب من قراءتها، فأدون كل ما هو جديد بالنسبة لي، وبقيت على هذا الحال إلى الجامعة مرورا بالثانوي ، حيث أشارت عليّ أستاذة الفلسفة بأن أضع أمام كل معلومة المصدر الذي أخذتها منه، ففي 2008 تعرّفت على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي ، فوجدته مملوء بالثغرات فقررت أن تكون الانطلاقة.

 ما هو تأثير كتابتكم على القارئ؟

اختلف من أعرفهم ومن اطلعت على تعليقاتهم عبر المواقع حول ما أكتب إلى معجب ومؤيد ورافض ، ومن يقرأ ويحتفظ برأيه، فالمعجب والمؤيد لمّا تكتب يضغط ضغط محبة للمواصلة ، والرافض يحاول أن يثنيك عن الكتابة ، وهناك من يحاول أن يضمّك إلى تياره ، فأنا أعتبر هذا من تأثير كتاباتي عليهم ، قصة طريفة حدثت بيني وبين أحد الدكاترة ، قصدته بداية مشروع ” قراءة جديدة في الشعر الجاهلي” لأستشيره في موضوع الكتاب وفكرته ، فعرض عليّ أن أبيعه إيّاه ، فأظن أنه لوما يتأثر بالفكرة ويعجب بها لما طلب شراءه .

 ما هي أهم الأعمال التي قد ساهمت في تكوين رؤيتكم الفكرية والأدبية؟

هي كثيرة ومتنوعة بتنوع اتجاهات أصحابها ، كملاحظة بسيطة قبل ذكرها ، القارئ الجيد والذي يستحق الاحترام والتقدير ولقب مثقف هو ذلك القارئ المتحرر من عقدة التعصب لتيار معين ، مادام الإنسان مُكرم بالعقل فليقرأ لكل التيارات وليترك لعقله عملية التمحيص والرفض والقبول؛ فأنا والحمد لله قرأت لكارل ماركس ومالك بن نبي وابن تيمية ومحمد عابد الجابري وإبراهيم الكوني ومحمد أركون ومكيافيلي، وابن القيم، والقرضاوي ومحمد بن عبد الوهاب وتولستوي ومصطفى صادق الرافعي ومحمد شحرور والمنفلوطي و جبران خليل جبران وجول مزران ونوال السعداوي وعلي شريعتي وأحمد الكاتب وعبد الله العروي وغيرهم من الكتاب الذين لا يتّسع المقام لذكرهم ، وليس شرطا أن تقرأ مؤلفات الكاتب كاملة ، كتابين أو ثلاث لتعرف طريقة تفكير الرّجل ، كان أول عمل اطلعت عليه هو في الشعر الجاهلي ، وجاء على ضوئه كتاب” قراءة جديدة في الشعر الجاهلي” وساعتها كنت لا أزال أدرس بالجامعة، ثم  قرأت كتاب الأمير لمكيافيلي ، وكتاب دليل السياسي الناجح لجول مزران  وبعض الصفحات من عهد أردشير، وكتاب السياسة الشرعية ابن تيمية والأحكام السلطانية للماوردي ، و أحجار على رقعة الشطرنج وغيرهم من الكتب التي تتحدث في شؤون الساسة والسياسيين جاء على ضوئهم كتاب ” أخفّ الضررين“. ثم طالعت كتاب نقد العقل العربي لمحمد عابد الجابري بأجزائه الثلاث ، وكتاب التشيع الصفوي والتشيع العلوي وكل مؤلفات أحمد الكاتب ، فجاء على ضوئهم كتاب الأمويون والعلمانية، ثم طالعت راية أرنست هيمنجواي ” العجوز والبحر” ورواية” أمير الذباب” وجاء على ضوئهم رواية الشيصبان.، ولا أنكر أن فكرة الكتاب هذا-المجتمع- مستقاة من كتاب مقدمة ابن خلدون .

 هل تطالعون لأدباء وكتاب جزائريّين، إن كان جوابكم نعم، من هم أبرز من تقرؤون لهم؟

أقول نعم ، ومن أبرزهم مالك بن نبي ، وأبو القاسم سعد الله ، واسيني الأعرج ، والبشير الإبراهيمي ، وآثار عبد الحميد ابن باديس..

 ما هي أبرز المعيقات التي تواجه الكتابة الإبداعية اليوم من منظوركم الشخصي؟

البعد والقرب من مركز صنع القرار: كلّما كنت أقرب من الوزارة وحاشية معاليه كانت فرصك للظهور وتسليط الضوء عليك أكثر ، وكان هامش المعيقات يساوي صفرا والعكس صحيح ، الموقع الجغرافي: فالموقع الجغرافي يلعب دورا كبيرا ،  فأنا وأمثالي ومن هم ربما أفضل منّي ضحية موقعنا الجغرافي ، فأنا من الجنوب وموقع الوزارة وأصل الوزير(ة) من الشمال ، فهاهنا تتداخل النقطة الأولى مع الثانية.

الدعم: وليس شرطا أن يكون ماديا ، فالغرب يأخذ بيد من يحاول ، ونحن نأخذ على يد من يحاول، حتى يتحطّم ويفشل وربّما ينتحر، وأحيطك علما أن هذا إصداري الخامس مع أني كنت أصغر كاتب في الجزائر سنة 2015 وبشهادة البروفيسور عبد الرحمن مزيان ، وهو قامة من قامات الثقافة في الجزائر، لم أحصل بعد على بطاقة فنان ، ضف إلى ذلك أنّ كل نفقات الطباعة والنشر وغيرها على حسابي الخاص .

 لو تحدثنا عن أهم الأعمال التي قمت بإصدارها ؟

كل أعمالي بالنسبة لي سواء ، غير أن كتاب أخف الضررين لم يأخذ حقّه على الرغم من أنه يعالج قضية تمسّ الوطن العربي خصوصا والإسلامي عموما، للأسف الكتاب وكاتبه من الجنوب !!

 ماهي طقوس الكتابة لديك ، ظروفها ، سياقاتها ، زمنها ؟

فهذه الأمور بالنسبة لي ليست مكتسبة أو مصطنعة ، وإنما اكتشفتها وأنا في طور إنجاز مشروعي الثالث، فلا بدّ لي من أن أتعرض للألم وليس الألم الجسدي كالضرب وما شابه، قد يكون الألم نظرة استهزاء أو كلمة جارحة وليس شرطا أن تكون موجّهة لي دائما حتى لو حدثت لشخص غريب أمامي، فساعتها يتوجب عليّ الاستحمام بالماء البارد ، لا يهم الفصل شتاء أو صيفا ، وبعدها أحتسي فنجان قهوة وأعتزل العالم والأهل بدفتري ، فيبدأ نزيف الأفكار وتلاطمها؛ أما فيما يخص الوقت فأنا لا أفرض نفسي على الكتابة ، فمتى ما طلبت لّبيت، فأنا أستعمل دفترا خاصا أسجل عليه الأفكار وتجدني أكتب في اليوم عبارة أو عبارتين وأحيانا أسبوع لا أكتب شيئا ، لهذا ليس لي وقت معين.

 بعد ثلاث اصدارات ، الآن أنت مقبل على اصدار رابع ، كلّمنا عنه أكثر ، موضوعاته وفكرته الرئيسية ، وعن أي فن يندرج ضمنه ؟

هو مجال جديد أطرقه وفكرته قديمة تعود إلى سنتين أو أكثر، لأن هذا الكتاب يعتمد على مراقبة والاحتكاك بالمجتمع وأفراده لصبر أغواره واستخلاص الفكرة منه، فحاولت في شقه الأولى أن أرصد التغيرات والتحولات التي حلّت بطبقاته الثلاث( الغنية والوسطى والفقيرة) كلّ طبقة على حدا، أما في شقه الثاني عملت على إبراز العلاقة بينه وبين الدّين ، وبينه وبين السياسة ، وبينه وبين المرأة ، وبينه وبين الأخلاق ، وبينه وبين القبيلة، أما في خاتمته دونت ما توصلت إليه من التحليل السابق.

 بعد كل هذا النتاج الأدبي ، ماذا أضافت الكتابة إليك ؟

الكتابة جعلتني إنسانا يحتكم للعقل والدليل، وينبذ العنف والكراهية والإقصاء، ويقبل الآخر مهما كان لونه أودينه، أو عرقه، أو فكره.

أنه لا سبيل لأي أمة للنجاح و الازدهار ومواكبة ركب الحضارة إلا بالعلم والإخلاص في العمل ، علمتني الصبر في الشدائد والمحن التي تحلّ بالفرد ، وحسن تسييرها إلى غاية الخروج منها ، بل وتحويلها إلى حلول يمكن استثمارها.

حدّثنا عن تجربتكم مع دار المثقف للنشر والتوزيع والترجمة؟

هي تجربة جدّ موفقة وناجحة ، وأتمنى أن تبقى كذلك، فهي تتميز بالجدّ والاجتهاد ، إنها دار تحترم المواعيد وتدعم الشباب بغض النّظر عن موقعهم الجغرافي ؛ غير أنّي أوّد أن أقول هجرة مديرتها إلى تركيا خسارة لنا نحن الشباب.

 ما هي قراءتكم للمشهد الثقافي في مدينة بالجنوب والجزائر اليوم؟

يستلزم وجود مشهد ثقافي حتى يتسنى لي الحديث عنه ، فاسمح لي أن أسألك أين هو المشهد الثقافي الذي تطلب مني الحديث عنه ، وأقدّم لك عنه قراءة؟؟ لا يوجد مشهد ثقافي بمدينة بالجنوب ، لهذا من غير الممكن الحديث عن ما تسميه (مشهدا ثقافيا).

أما فيما يخص المشهد الثقافي الجزائري بصفة عامة فالثقافة في الجزائر كانت ولا زالت وستظل حكرا على فئة معينة تنتمي إلى تيار معين، فهم المسيرون وهم  المختارون وهم المُكرِمون وهم المُكرَمون ، ومنهم لجنة التحكيم ومنهم الناجحون، ومنهم معاليه أو معاليها؛ كلمة الثقافة كلمة فضفاضة ينبغي أن تسعى كل التيارات ، وتشمل كل جهات الوطن الجنوب والشرق والغرب ثم الشمال ، ولا تبقى محصورة في جيل معين وتيار معين وجهة معينة(الشمال).

 ماهي أهدافك وآفاقك المستقبلية على الصعيدين ، الابداعي والشخصي ؟

الصعيد الإبداعي : أنا الآن أحضر لعمل أطرق به مجالا جديدا بلغت نسبة التقدم فيه %60 ، أما النسبة المتبقية متوقفة على القرارات التي ستخرج بها وزارة التربية والتعليم في الجزائر تحت إشراف معالي الوزير لأرسل العمل إلى دار النشر، أما فيما يخص الصعيد الشخصي فأنا أطمح إلى وضع اسمي مع أسماء الكتاب الكبار من أمثال: تولستوي وابن خلدون وطه حسين ومصطفى صادق الرافعي وهيجل وكانط وديكارت وتشومسكي وإبراهيم الكوني ومحمد شحرور.

 كلمة أخيرة توجهها لجمهور القرّاء

إقرأ ثم إقرأ ثم إقرأ كل ما تجده أمامك ، ودع الحكم على ما قرأت لعقلك وحده ، فهو سبيل نجاحك ونجاتك من براثن الجهل والتخلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق