قضايا
أخر الأخبار

 أفاقنا الاقتصادية و الأزمة النفطية

هي أزمة لا سابق لها ، أخلطت الأوراق و نسفت مختلف التكهنات و التوقعات .أزمة اجتاحت السوق النفطية و أثارت سيل من الأسئلة حول اتجاهات الوضع .

ما يعنينا نحن ، هو ما هي أفاق وضعنا الاقتصادي في خضم هذا التحول ؟

وضع لا يمكن عزله عن سياق الوضع العام بالبلاد و لا عن السياق العالمي . و في برنامج حكومة جراد تركيز على اقتصاد المعرفة  كقاعدة و محرك ، و هذا التركيز اكتسب قوته مع التحول المتسارع .

بدون عامل الاضطراب في السوق النفطية فإن هناك تأثير  تراكمات الفترات السابقة و هيمنة النمط الريعي الذي أعاق تبلور اقتصاد منتج للثروة ،  و في الحقيقة الفعالية الاقتصادية مرتبطة بإنتاج القيمة المضافة .

و لهذا تراجع الأسعار مؤثر ، مادامت مداخيلنا تقريبا و بشكل شبه كلي مرتبطة بالعائدات النفطية .

و لعل هذا الوضع يكون محفزا على الانطلاق في توجه اقتصادي حقيقي ، و بدون المحروقات ، هناك الكثير من الامكانيات التي تؤهل بلادنا و تمنحها فرصا  كثيرة . و بدون الاستغراق في التجريد ، هناك عينات و نماذج قائمة ، لا تمتلك امكانيات بلدنا تمكنت من تحقيق تحول و أصبحت فاعلة على المستوى الدولي ، من البرازيل إلى جنوب افريقيا ، و من تركيا إلى كوريا الجنوبية و سنغافورة و الفيتنام …الخ .

هناك امكانيات كبيرة في قطاعات مختلفة ، في الطاقات المتجددة ، و السياحة ، و الفلاحة .. و لبلدنا قاعدة مهمة صناعية تم تجميدها ، و كان من الممكن ان تحقق الكثير ، لو لم يتم التفكيك في الثمانينيات .

قاعدة كانت عبارة عن شبكة منتشرة عبر مختلف الولايات ، من مركب رويبة للصناعات الميكانيكية إلى مصنع بجاية للنسيج مرورا بمصنع قالمة للدراجات النارية إلى مركب سونيلاك للصناعات الإلكترونية بسيدي بلعباس و مصنع الخشب بندرومة …الخ .

إضافة إلى ذلك كانت ورشات الحرفيين في النسيج و الجلود .. كل ذلك تم تدميره .

الصدمة النفطية ليست مستجدة ، سبق ان واجهناها في ثمانينيات القرن الماضي ، و هي مجددا تنبه إلى غياب الأمان بالاعتماد علىها لأنها خاضعة لتقلبات لا يتحكم فيها حتى من يصنفون كبارا و متحكمين في القرار .

  الكاتب المتخصص في صناعة النفط في السعودية عبد العزيز المقبل يلخص أسباب انهيار النفط في خمسة عوامل :”أولاً، هناك تخمة في الإنتاج وركود في الاستهلاك. وثانياً، امتلاء خزانات الوقود نتيجة التخمة والركود، وثالثاً، لم تعد هناك جدوى تجارية في الإنتاج. والعامل الرابع مرتبط بوجود خلل في منظومة التسويق بعدما تم إنتاج كميات كبيرة من دون أن تُبرم الشركات المنتجة عقود بيع مع المستهلكين وليس مع المضاربين قبل استخراجه من الأرض ونقله إلى الخزانات. والعامل الخامس هو الأزمة القائمة بين المصارف والمنتجين “.

و بغض النظر عن الأسباب و بدون الانسياق وراء السيناريوهات المرسومة فإنه كما يقول عماد عبد اللطيف سالم:”هل تعرف أنّهُ مع هبوط أسعار البيع في العقود الآجلة إلى -37 دولار للبرميل (لشهر مايس 2020) ، فإنّ أسعار أسهم شركات النفط في البورصات (الآن)، لم تهبِط إلاّ بنسبة 3-4 % فقط .

فلو كانت الأسعار قد هبطت “فعلاً” إلى -37 دولار للبرميل، لكانت أسعار أسهم جميع شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة قد هبطت بدورها إلى مادون الصفر أيضاً .

غير أنّ هذا لم يحدث .

لم يحدث أيضاً أن قامت أي دولة ببيع نفطها (بما في ذلك المخزون على ظهر الناقلات النفطية) بسعرٍ لاترغبُ ببيعهِ به .

إذاً.. لا مبرر للذعر .

نعم إنّ هذا لم يحدث سابقاً في التاريخ.. وهاهو يحدث الآن لأوّل مرّة.. ولكنّ الأسعار ستعودُ إلى الاستقرار خلال شهرين، إلى ثلاثة أشهر، مع تخفيف قيود الإغلاق، وعودة النشاط الاقتصادي، تدريجياً، في مختلف دول العالم .

ولكنّ.. ومع ذلك.. فإنّ مُعطيات ومؤشرّات كهذه، تؤثّرُ سلباً على اسعار النفط (ومنها سعر القياس/ خام برنت)، وقد تدفع به نحو الانخفاض .

وأساسيات السوق تدفع نحو هذا الانخفاض، بسبب انخفاض الطلب، وتخمة المعروض، ونفاد طاقات التخزين .

وما لم تقم دول أخرى (وأهمها الولايات المتحدّة الأمريكية) بالإنضمام إلى اتفاق اوبك+  

  ، فإنّ هذا الاتفاق سيكون محدود التأثير على أسعار النفط العالمية” .

  و نتمنى أن نستفيد من كل ظرف و أن نبدع تحولا في مستوى التحديات .

محمد بن زيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق