الثقافي

الروائي و الإعلامي رياض وطار لـ ” الديوان”: “أيام سوداء” تنبأت فيها بالحرب على الفساد الذي تعيشه الجزائر

الروائي رياض وطار وجه إعلامي بارز وكاتب استطاع أن يكون له بصمته كروائي  لامست كتاباته الواقع المعيش ، ظل حاملا هموم الثقافة و المثقف في الجزائر، سيوقع قريبا مولوده الروائي الثالث باللغة العربية و الموسوم ” أيام سوداء” و التي كتبها في 2016  و كانت له فيها نظرة استشرافية حيث تكهنت  بسقوط رؤوس الفساد في الجزائر ، كانت لنا معه جلسة حوارية تشعب فيها الحديث عن مواضيع شتى ، عن روايته الجديدة ، عن واقع الثقافة و المثقف في الجزائر،  عن جمعية “الجاحظية”، عن جائزة ” الطاهر وطار للرواية ” و مشاريعه المستقبلية.

يومية الديوان/ من رواية “حريم الفرطاس ” إلى “أيام سوداء” ،حدثنا عن هذا

الإصدار الجديد ؟

الروائي رياض وطار/ أولا أشكرك على اهتمامك بإصداري الجديد قبل أن يرى النور،وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى حبك وشغفك للأدب وللمبدعين كيف لا وأنت المبدعة والإعلامية صاحبة القلم الفذ، أما فيما يتعلق بالإجابة عن سؤالك فقد تطرقت في عملي إلى ظاهرتين  نخرت الاقتصاد الوطني وكانت وراء ظهور العديد من الآفات الاجتماعية كما ساهمت في تحطيم مستقبل شبابنا وجعلهم يلوحون نحو الحرقة كوسيلة وحيدة للفرار من واقعهم المر، وذلك من خلال قصة بطلها “عبد القادر كموشة “وهو  شخص نزيه وأمين كان يشتغل بإحدى المؤسسات الوطنية، اُتهم باختلاس أموال من خزينة المؤسسة، ولأنه المسؤول الأول عليها زج به في السجن لخمس سنوات كاملة.

تنتهي السنوات المرة  ويعود إلى بيته و حيه ،أين يكتشف أمورا كثيرة قد تغيرت، فالزوجة زكية تحولت إلى عاملة نظافة  تخدم زوج عجوز،  و اختار أطفاله الشتات، فعمل على  التقرب منهم بالخروج معهم للاصطياف في مركز للاستجمام بولاية تيبازة الساحلية الساحرة، وهناك تفضفض له زوجته  و تشكوه عناء السنين.

يحاول “عبد القادر”  طمأنتها ويعدها بتعويضها على ما فات، ويلتمس منها البقاء بالبيت ليستلم هو دوره كما يجب، يدق كل الأبواب  دون جدوى ،بسبب صحيفة سوابقه العدلية المتسخة ، لكنه لا يفقد الأمل ويساعده صديقه سعيد على إيجاد عمل كحارس ليلي بإحدى الشركات الخاصة، ويشرع في العمل لكنه يفاجأ بهجوم إرهابي ، لتنتهي الفاجعة بتحريره وقتل الإرهابي.

في خضم هذه الأحداث يزداد إحساسه قتامه،  ليستيقظ “عبد القادر كموشة” ذات يوم على كابوس أكبر و هو تحول ابنه إلى إرهابي خطير، ولهول الصدمة يفقد أعصابه ،ويزج به في مستشفى الأمراض العقلية، لتواجه زوجته زكية  مصيرها المر من جديد وتخرج لإعالة زوجها المريض وباقي أفراد عائلتها، حيث تعمل عند صاحب مطعم يتحرش بها جنسيا ويعتدي عليها، لتخرج ذات صباح وفي يدها سكين تطعنه به انتقاما لشرفها، لتنتهي مأساتها بدخولها السجن.

 يومية الديوان / ماهي التيمة التي عالجتها في هذا العمل الروائي الجديد ؟

الروائي رياض وطار / حاولت التطرق من خلال عملي المتواضع إلى ظاهرتين نخرت الاقتصاد الجزائري وجعلت بلادنا تتأخر في الانطلاق نحو الأمام بسنوات إلى الوراء ونحن الذين كنا منذ  الصغر نحلم بوطن مزدهر ومتطور نعيش فيه،  إلا أن مع مرور الوقت وبعدما وصلنا إلى مستوى من النضج الفكري والسياسي أدركنا أن ما تربينا عليه ما هو مجرد وهم بعدما خدعنا من أوكلنا لهم زمام تسيير شؤون البلاد بحيث بعدما عشنا حقبة الإرهاب خلال العشرية الحمراء كان لابد علينا أن نواجه ظاهرة أخرى متمثلة في الفساد الذي عشعش ورمى بجذوره في جل المستويات وذلك بعدما خدعنا في الذين وضعنا فيهم ثقتنا بعدما قاموا بنهب ثروات البلاد وتهريبها نحو الخارج.

 

يومية الديوان / الكتابة في زمن “الكورونا”، هل كانت تحدي أم علاج  لشلل الحياة المحيط بنا ؟

 

الروائي رياض وطار/ منذ أن خطت أناملي الكتابة الروائية أي منذ عملي الأول الموسوم ب”متاهات أنثوية” الذي صدر لي سنة 2014 وأنا اعتبر الكتابة وسيلة للعلاج باعتبارها منفذي الوحيد للهروب من الواقع المر الذي نعيش فيه ، وعليه فالكتابة في زمن “الكورونا” هي أيضا علاج للشلل الحياة المفاجئ و المحيط بنا علما أن هذا العمل كنت قد أنهيته منذ سنة 2016 إلا أنني تنبأت فيها ما نعيشه اليوم من فضائح مالية وسجن رؤوس الفساد، وحاليا أعكف على كتابة عمل جديد.

 يومية الديوان / هل لا زال الروائي الراحل ” الطاهر وطار” ملهمك و روحه حاضرة في كتاباتك؟

 الروائي رياض وطار/ مثلما سبق لي وأن ذكرت في بعض المناسبات أحاول قدر المستطاع أن لا أتأثر بكتابات الطاهر  وطار رغم اعتزازي وافتخاري به و بالمكانة الأدبية التي احتلها ولازال إلى يومنا في المشهد الأدبي العالمي باعتباره مترجم إلى أزيد من 26 لغة ، ورغم العلاقة و صلة القرابة التي تربطني ب هالا انه  لكل واحد منا أسلوبه الخاص ولكل منا ظروفه الاجتماعية التي عاش فيها ، وعليه أرى أن الكاتب الذي يتأثر بكاتب آخر خاصة إذا كان هذا الأخير من عمالقة الأدب سيذوب حتما فيه ولن يكن له شخصيته الأدبية ولا أسلوبه الأدبي مما سيساهم حتما في موته أدبيا.

 يومية الديوان/ ما الذي تعلمته من هذه الشخصية الروائية  الفذة ؟

الروائي  رياض وطار/ شجاعته وتمسكه بالمواقف التي يتخذها ، وكذا تواضعه في التعامل مع الآخرين وحبه للوطن ودفاعه المستميت عن اللغة العربية .

يومية الديوان/ كنت صاحب فكرة و تأسيس جائزة الطاهر وطار للرواية، لماذا

تعثرت أولى خطوات هذه الجائزة ؟

الروائي رياض وطار/ لأن من وعدونا لم يوفوا بوعدهم.

يومية الديوان / هل تمت تسوية الوضع، إلى أين وصلت الأمور؟

الروائي رياض وطار / بفضل الله وبفضل مدير دائرة الكتاب بوزارة الثقافة السيد جمال فوغالي، الذي أشكره جزيل الشكر لوقوفه ودعمه للجائزة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تقديره واحترامه للقامة الأدبية التي يمثلها شخص الطاهر وطار، تم حل المشكل وتسويته نهائيا وسيتم تسليم الجائزة  في حفل سيقام بمناسبة ذكرى رحيل الطاهر وطار إن سمحت لنا الظروف خاصة الصحية بذلك.

يومية الديوان / في نظرك كمثقف لماذا تختزل الثقافة في الغناء و الرقص فقط ؟

الروائي رياض وطار / لأن من عينوا لتسيير الشؤون الثقافية ليست لهم نظرة واسعة وشاملة للمجال الثقافي كما يتسمون بتفكير شعبوي مما أدى إلى غياب سياسة ثقافية واضحة المعالم.

يومية الديوان/ ما هو تقييمك للجوائز الأدبية عربيا قياسا بنظيراتها الجزائرية ؟

الروائي رياض وطار/ تتميز بالمبالغ القيمة الذي يرصد لها.

يومية الديوان/ نحن مجتمع “لا يقرأ” ما سبب تقهقر المقروئية في بلادنا حسب رأيك؟

الروائي رياض وطار/ الرواج الكبير للمقعرات الهوائية وكذا الانتشار الكبير والواسع  للانترنيت، فضلا عن غياب محفزات للقراءة خاصة في المنظومة التربوية إذ هنالك فرق كبير بين ما عاشه جيلي خاصة في الطور الابتدائي أين كان الأستاذ يحرص على أن يقرا التلميذ بل يطالبه بأعداد ملخص عن الكتاب الذي يطالعه ويقدم له هدية متواضعة في حال نجح في”مهمته، التي غالبا ما يقوم المعلم باقتنائها له من ماله الخاص عكس اليوم أين أصبحت المطالعة مسالة ثانوية.

يومية الديوان / هل للكتابة الروائية مستقبل على المدى البعيد في الجزائر في ظل المتغيرات ؟

الروائي رياض وطار / طبعا أرى أن للكتابة الروائية مستقبل زاهر خاصة مع بروز أسماء تبوأت مكانة مشرفة في المشهد الأدبي العربي وتعد بالكثير، والدليل افتكاك الروائي عبد الوهاب عيساوي لجائزة “البوكر” العالمية في طبعتها الأخيرة، وهو روائي شاب يعد بالكثير واغتنم الفرصة التي أتحتموها لي لأهنئه متمنيا له مزيدا من الإصدارات والتتويجات.

يومية الديوان / النشر قوض العديد من المبدعين و حال دون ظهور أسماء جديدة، هل من حل لهذه المعضلة ؟

الروائي رياض وطار / الحل بيد أصحاب القرار فهم وحدهم قادرون على إيجاد الحلول المناسبة لإعطاء نفسا جديدا لمجال النشر في بلادنا وبالتالي خلق الجو المناسب لبروز أسماء قادرة على رفع التحدي وتشريف الأدب الجزائري أحسن تشريف،إلا أن هذا لا يعني أن  هذا حال دون ظهورها والدليل ما ذكرته له سالفا.

  

يومية الديوان / يقال بأن الرعيل الأول من الكتاب يرفض التزحزح من عرش الشهرة، ما مدى صحة هذه المقولة ؟

الروائي رياض وطار / في نظري المتواضع هذه المقولة لا أساس لها من الصحة، لان الأدب مجال مفتوح والكلمة الأولى والأخيرة تعود للنص القوي الذي باستطاعته أن يفرض نفسه إذا كان الأمر يستدعي ذلك، فيمكن للأسماء المكرسة أن تصدر العديد من المؤلفات ولكن في نهاية المطاف ستنمحي أمام نص واحد ووحيد يكون أقوى من الرصيد الذي تملكه تلك الأسماء والدليل ما لمسناه في جائزة البوكر وجائزة “كتارا” فالأدب ليس اختصاص من اختصاصات العلوم الدقيقة لهذا اليوم قد تكتب نصا قويا وغدا العكس تلد نصا لا يرقى إلى مواصفات النص الجيد.

يومية الديوان / وقوفا عند قضية الاستيلاء عن مقر “الجاحظية” ، هل

استسلمتم للواقع ؟

الروائي رياض وطار/ لم نستسلم للواقع بل الأمر اليوم بيد العدالة بسبب الخلاف القائم بين المكتب القديم والجديد الذي انبثق عن مؤتمر “ورقلة “،لهذا فضلنا عدم الدخول معهم في صراع كطرف ثالث في انتظار تسويته بطريقة قانونية.

يومية الديوان / هل توجد إرادة لبعث  جمعية “الجاحظية” من رمادها لتصنع المفارقة في المشهد الثقافي محليا و وطنيا

الروائي رياض وطار/ نتمنى ذلك.

 يومية الديوان / لماذا تعزف الوزارات المتعاقبة على قطاع الثقافة عن بعث صندوق دعم الكتاب الشباب في نظركم؟

الروائي رياض وطار/ لا علم لي بخافية الموضوع لذا ليس بمقدوري الإجابة على سؤالكم.

يومية الديوان / نستعد للاحتفال باليوم الوطني للفنان ، كلمة في حق هذه الفئة ؟

الروائي رياض وطار / أتمنى لهم عيد سعيد وان يتم تحقيق مطلبهم الشرعي المتمثل في صدور القانون الأساسي وبالتالي تمكينهم من إيجاد حلول لجل مشاكلهم.

يومية الديوان /في رأيك هل ستشهد بلادنا صحوة ثقافية مع ميلاد ” الجزائر الجديدة”؟

الروائي رياض وطار/ يحذونا أمل كبير في تحقيق ذلك خاصة في ظل الاهتمام الذي أولاه و يوليه رئيس الجمهورية لقطاع الثقافة عامة وللإنتاج السينمائي خاصة ونتمنى أن لا ننخدع مستقبلا مثلما كان الحال في السنوات الماضية.

 يومية الديوان/ هل من مشاريع في الأفق بعد هاذين الإصدارين ؟

الروائي رياض وطار/ أولا للتصحيح فقط في حقيبتي الأدبية مجموعة قصصية باللغة الفرنسية عنوانها “هيبون” وكذا ثلاث إصدارات وهما رواية “متاهات انثوية”، التي صدرت لي عام 2014 عن “دار كنوز ” المصرية ولاقت نجاحا واهتماما  كبيرا من قبل المهتمين كما شاركت في جل المعارض التي تقام على مستوى الدول العربية وكانت محل رسالة ماجستير بجامعة القاهرة كما تم انتقائها كأفضل رواية لعام 2014  في استطلاع نظمته صفحة “ابوليوس للرواية الجزائرية واحتضنه موقعنا الثقافي الإخباري، وهو أول موقع جزائري يهتم بالشأن الثقافي، بالإضافة الى رواية “حريم الفرطاس” ورواية أيام السواء الصادرتين عن “دار المثقف” بالاشتراك مع دار “ببلومانيا” المصرية.

حاليا أعكف على كتابة عمل جديد أتمنى أن انتهي منه قريبا خاصة وأنني بدأت فيه منذ عامين ولم تسمح لي الظروف بالانتهاء منه.

 يومية الديوان/ كلمة أخيرة ؟

الروائي رياض وطار/ أشكركم ومن وراء طاقم جريدتكم الموقرة على هذا الحوار الشيق الذي وجدت فيه متعة كبيرة في الإجابة على جل أسئلتكم، متمنيا أنني أصبت في ذلك وبالتالي تمكنت من أن أكون في مستوى تطلعات قرائكم الأوفياء، كما أتمنى لكم مشو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق