إقتصاد

تأجيل دخول اتفاق منطقة التبادل الحر حيز التنفيذ الجزائر تكبح المرور المجاني للسلع الأوروبية لأسواقها

كبح قرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بإعادة تقيم الاتفاقية التجارية متعددة الأطراف، لاسيما اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، دخول الجزائر اتفاق منطقة التجارة الحرة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، الذي كان مقررا دخوله حيز التنفيذ في موعده المقرر في 1 سبتمبر 2020. وبداية أوت الماضي، وجه الرئيس عبد المجيد تبون تعليمات إلى وزير التجارة كمال رزيق “من أجل الشروع في تقييم الاتفاقيات التجارية المتعددة الأطراف، لا سيما اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي يجب أن يكون محل عناية خاصة تسمح بترقية مصالحنا من أجل علاقات متوازنة”.

ووعد الوزير الأول، عبد العزيز جراد “بمراجعة قواعد الدفاع التجاري” من خلال “إعادة النظر” في الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية “التي لا تخدم مصالح البلاد”، وإعادة توجيه الجهاز الدبلوماسي لخدمة المصالح الاقتصادية للبلاد.

وينتقد سياسيون وخبراء اقتصاديين ورجال أعمال في الجزائر الاتفاق، في ظل العجز الواضح بالميزان التجاري لصالح الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأكبر للبلاد على حساب رابع أكبر اقتصاد في إفريقيا.

وبحسب رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين علي باي ناصري، فقد استوردت الجزائر بضائع بقيمة 320 مليار دولار بين 2005 ونهاية 2019 من الاتحاد الأوروبي، بينما لم تصدّر إلى الاتحاد، خارج النفط والغاز، سلعا قيمتها أكثر من 15 مليار دولار.

وكانت وكالة “فرانس برس” نقلت عن ناصري قوله إن “المفاوضات حول الاتفاق جرت في الأساس بشكل سيئ. ففي ذلك الوقت، صادقت الجزائر عليه وكان عدد أعضاء الاتحاد 15، بينما اليوم يبلغ عددهم 27، وسيزيد في السنوات القادمة”.

ووفقاً للأرقام التي قدمها رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، علي باي نصري، لمجلة The North African، استوردت الجزائر بين عامَي 2005 و2017 بضائع بقيمة 283 مليار دولار من دول الاتحاد الأوروبي، في حين وصل حجم الصادرات، من المنتجات القائمة على البترول بشكل أساسي، إلى 12 مليار دولار فقط. وقال نصري إن الاتفاقية بصيغتها الحالية ستشكل “كارثة على الاقتصاد الوطني”.بيد أنه مثل العديد من الاتفاقيات بين القوة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي والدول الصغيرة، غالباً ما تصب اتفاقية الشراكة في مصلحة الاتحاد الأوروبي.

 

تقسيم معياري غير متكافئ

ويشير المراقبون مثل تينهينان القاضي من معهد تشاتام هاوس إلى أوجه القصور الهيكلية في الاتفاقية نفسها، حيث قالت في تصريحات صحفية: “أعادت اتفاقية التجارة الحرة التي أُبرمت عام 2005 إنتاج التقسيم المعياري غير المتكافئ للعمل بين الجزائر والدول الأوروبية، حيث عززت بموجبها مكانة الاتحاد الأوروبي في شمال إفريقيا باعتباره مُصدِّراً للسلع ذات القيمة المضافة العالية في حين ظلت الجزائر وغيرها من الدول الموقعة في شمال إفريقيا مجرد مُصدِّر أساسي للسلع لا يمكنها تحقيق عائدات ضريبية كبيرة من منتجات الاتحاد الأوروبي”.وفضلاً عن ذلك، وفقاً لتينهينان، مكّنت هذه الاتفاقية الشركات الأوروبية الكبرى أيضاً من المرور المجاني إلى الأسواق الجزائرية، مما أدى إلى تدمير الشركات المحلية وتقليص تدفقات الإيرادات الحكومية، مضيفة “تشير التقديرات إلى أن الجزائر خسرت حوالي 6 مليارات يورو من عائدات الرسوم الجمركية بين عامي 2007 و2018”.

وقد وردت تقارير بالفعل عن بدء المناقشات حول احتمال تأجيل التنفيذ الكامل لاتفاقية الشراكة. فأما المسؤولون في بروكسل فمحصورون بين خيارين قاسيين، أحدهما التأجيل والآخر احتمالية تدمير اقتصاد متدهور بالفعل. وأما الجزائر، فقد يمنحها التأجيل مساحة للتنفس أثناء صراعها مع الجائحة العالمية كوفيد-19.ودخل اتفاق الشراكة بين بروكسل والجزائر حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر 2005، على أن تفتح أسواق كل منهما على الجهة الأخرى، تحضيرا لإنشاء منطقة التجارة الحرة.وقد نص الاتفاق على منح الجزائر فترة انتقالية مدتها 12 عاما، حتى 2017، لتلغي تدريجيا الرسوم الجمركية على منتجات صناعية، وتطبّق تحريرا انتقائيا للمنتجات الزراعية، ثم تمديد الفترة الانتقالية لثلاث سنوات حتى الأول من سبتمبر 2020، لبعض المنتجات مثل الصلب والمنسوجات والأجهزة الإلكترونية والسيارات.وحول مصير اتفاق التجارة الحرة، كانت وزارة التجارة قد قالت إنه تم تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين وزارات عدة بهدف “تقييم اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي”.

لكن جائحة فيروس كورونا المستجد تسببت بتوقف عمل المجموعة و”لم يُستأنف إلا مؤخرا لإنهاء التفكير في نقاط القوة ونقاط الضعف”في الاتفاقات التجارية التي أبرمتها الجزائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق