متابعات
أخر الأخبار

فيروس “الإشاعة” يغذّي هلع “كورونا”

 #صفحات، ناشطون و خبراء يحذرون من خطر الاشاعات

#لجنة الفتوى تحرم  نقل الاشاعة وترويجها

 

في الوقت الذي يرى فيه الكثير، أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم بمثابة “إعلام بديل” عن الإعلام التقليدي بالنظر لما تقوم به من دور متعدد الأبعاد، سياسيا، اجتماعيا أو ثقافيا، إلا أنها تظل أحد مصادر التهديد إذا ما تم توظيفها بشكل سيئ وإذا ما تم استغلالها من قبل جهات تريد عبرها تمرير رسائل معينة لتحقيق غايات محددة، وما تعيشه الجزائر اليوم في ظل “الإشاعات” المرتبطة بتفشي فيروس “كورونا” وانتشار الأخبار المتعلقة به عبر هذه الوسائل، خلق تهديدا واختلالا على جميع الأصعدة، وعلى كل المستويات، ما دفع بالخبراء إلى التحذير من خطر هذا النوع من المعلومات التي تروج عبر هذه وسائط التواصل الاجتماعي، ودعوا المواطنين إلى تحري أي معلومة بدقة ومن مصدرها، كما ناشدوا السلطات والمؤسسات إلى محاربة هذه الظاهرة بنفس الوسيلة والأدوات.

تحولت مؤخرا مواقع التواصل الاجتماعي إلى أسرع مصدر للمعلومة رغم ما قد تحمله هذه المعلومة من مغالطات ، فتغلبت بذلك على معظم وسائل الإعلام التقليدية، غير أن هذه الوسائل و بالنظر لاحتمالية “عدم صدق المعلومة” تحولت أيضا إلى مصدر لنشر الشائعات و الاخبار الكاذبة، تروجها أطراف معينة، باستخدام ما يسمى ب”الغباء الاصطناعي”، و قابلية بعض الناس لتلقي الشائعات و إعادة نشرها سواء بحسن نية أو بسوء نية، فخلق هذا الوضع حالة من الارتباك وحتى الهلع لدى المواطنين خصوصا في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد جراء انتشار فيروس كورونا، و تبعات هذا الوباء، وذلك على مختلف النواحي و المستويات، النفسية أو الصحية أو الاجتماعية وحتى الاقتصادية من خلال نشر أخبار كاذبة عن حالات الإصابة أو الوفيات، شائعات بنقص مواد التموين، بنقص السيولة المالية وغيرها، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ بعض الإجراءات كمعاقبة ناشري الإشاعات، إلا أن قوة وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار تتطلب بالإضافة إلى هذه الإجراءات تدابير أخرى لمحاربتها بنفس الأدوات.

بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مختصة في كشف الاشاعات و توعية المواطن و مساعدته على التفرقة بين الاشاعة و الحقيقة و على غرار صفحة هيئة مكافحة الاشاعات الالكترونية التي تكشف الحقيقة تحت شعار الإشاعات تخلق الأزمات.

على سبيل المثال كانت هذه الصفحة سباقة في كشف إشاعة غلق محطات الوقود والتي صدقها الكثير و صنعت طوابير طويلة أمام المحطات حسب ما صرحت به الصفحة للديوان مضيفة ان الغريب هو أن بعض الأشخاص قاموا بملئ خزانات السيارات بالإضافة إلى الجلاء والصهاريج الأمر كاد أن يسبب أزمة حادة في الوقود خصوصا بولايات وسط البلاد مما دفع ذلك وزارة الطاقة إلى إصدار تكذيب لهذه “الإشاعة” مطمئنة إلى أن محطات البنزين تبقى مفتوحة كامل الأسبوع وعلى مدار الساعة.مضيفة على الجميع عدم تصديق كل ما يقال قبل أن يذاع الخبر من خلال القنوات الرسمية.

 الحيطة والحذر

أكدت لجنة وزارة الشؤون الدينية للفتوى في بيان لها في وقت سابق، أن الإشاعة تتسبب في “إثارة القلق والاضطراب والخوف بين الآمنين والتلاعب بالصحة النفسية للمواطنين وإضعاف الثقة بالنفس والتشكيك في جهود ومقدرات الأمة والتأثير على منظومة القيم والأخلاق“.

وأفتت بأنه “لا يجوز وحرام نقل المعلومة إلا بعد التأكد من صحة صدورها من جهة مختصة موثوقة حرصا على عدم المساهمة في انتشار الإشاعة“.

وحثت الجزائريين على ضرورة أخذ المعلومات من مصادرها المؤكدة، مشددة على أنه “لا يجوز نقل المعلومة إلا بعد التأكد من صحة صدورها من جهة مختصة موثوقة حرصا على عدم المساهمة في انتشار الإشاعة“.

و أبرزت اللجنة أنه “إذا كان الواجب على المواطنين التعامل مع الإشاعة بكل ما ينبغي من الحيطة والحذر في الأيام العادية، فإن التعامل معها في هذه الأيام الحرجة ينبغي أن يكون أكثر حيطة وحذرا“.

ودعت كل من هو من غير أهل الاختصاص في مجال ما إلى أن “يسكت ويكف شره وأذاه“.

 “الذعر” ينقص من مناعة الفرد و يعرضه الى حالات مرضية خطيرة

في هذا السياق دعت المختصة في علم النفس، الأستاذة نصيرة أحسن جاب الله، الى”عدم الإنسياق وراء الإشاعات والخوف الذي قد يتطور الى حالة “ذعر” نتيجة انتشار فيروس كورونا مما ينقص من مناعة الفرد و يعرضه أكثر الى حالات مرضية خطيرة. ونصحت المختصة في تصريح لها الأربعاء الماضي المواطنين بعدم”الإنسياق وراء الإشاعات والخوف الذي قد يتطور الى حالة من الذعر والقلق” أمام انتشار فيروس كورونا مما يؤثر وينقص من مناعة الشخص و يعرضه أكثر الى “حالات مرضية خطيرة “. وأكدت من جهة أخرى بأن المواطن الجزائري تأثر “كثيرا” بما تبثه وسائل الإعلام الغربية وشبكات التواصل الإجتماعي مما زرع لديه حسبها حالة من الذعر ” خاصة وان الإصابة بالفيروس قد مست حتى الرموز المقدسة لدى الدول الغربية”. وأكدت في هذا المجال بأن المجتمع الجزائري ّ”لم يكن مهيئا نفسيا ولا اجتماعيا لمجابهة مثل هذه الظروف “, مشددة على دور وسائل الإعلام والسلطات العمومية والجمعيات والمختصين للتخفيف من فزع المواطنين والعمل على أن لا تتأثر حالتهم النفسية بالقدر المستطاع من هذا الوضع.

 شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت المصدر الأول للمعلومات

 وفي هذا السياق،قال الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، يونس قرار في تصريح سابق له، أن شبكات التواصل الاجتماعي، هي “أدوات قوية وأصبحت المصدر الأول للمعلومات، ولمحاربة الشائعات التي تروج لها بعض هذه المواقع وجب على السلطات والإدارات والمؤسسات استخدام نفس الأدوات في المواجهة، لأن محاربة الأكاذيب التي تنشر عبر هذه المواقع اذا ما تم بالطرق التقليدية عبر التلفزيونات أو البيانات فلن يكون ذي فعالية وسوف تستفحل الشائعات”، وتابع أنه “وجب على السلطات تعزيز استعمال هذه الشبكات لنشر الحقائق والرسائل الصحيحة سواء كان عبر صور او فيديوهات توضيحية تفند ما يروج له”.

وشدد الخبير ذاته، على ضرورة نشر ثقافة التواصل الاجتماعي وليس محاربتها، لأن محاربتها سوف تعطي نتائج عكسية، حيث قال أنه يجب حث المواطنين على استعمالها وتعليمهم كيفية ذلك، وتأسف الخبير إلى عدم اللجوء في السنوات السابقة إلى تعليم الأطفال استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في المدارس.

ودعا قرار ،إلى ضرورة تشجيع الجميع ممن لهم تأثير، كالمفكرين، الخبراء، أئمة، أطباء، مختصين وصحفيين على استخدام هذه المواقع من أجل نشر الوعي داخل المجتمع، وتقديم النصائح و التوجيهات، وحذر الخبير في الوقت ذاته، مستعملي هذه الوسائل من تصديق كل ما ينشر عبر “الفايسبوك” أو غيره، لأن ليس كل ما ينشر “معلومة صحيحة”، لذلك يجب التعامل معها بحذر.

وقال قرار إنه “ولمحاربة الشائعات لابد من القيام بالتمحيص للتأكد من المعلومات قبل إعادة نشرها عبر الصفحات الاجتماعية، وفي حالة التأكد من أنها مجرد إشاعات يجب التنديد بها وتكذيبها في نفس الصفحة التي نشرت بها”، وأضاف أن كل شخص بإمكانه المساهمة في نشر الوعي وإعلام الآخرين أن كان ما يروج له إشاعة أو معلومة صادقة، ووجب عليه إعلام متابعيه عبر صفحته بالصفحات المشكوك فيها والتي تنشر الإشاعات، وأضاف أن رفع المعنويات للمواطنين خلال هذا الظرف، لا يكون من خلال الإشاعات والأخبار المغلوطة.

قال قرار، أنه وفي الظرف الذي نعيشه اليوم وجب استغلال هذه المنصات لإعطاء الارشادات وبعث الطمأنينة لذلك لابد أن تستعمل في الجانب الإيجابي لتوعية الناس والتشجيع على الأعمال الخيرية، ومساعدة العائلات التي هي بحاجة لمد يد العون لها، كما يجب استغلالها من قبل الباحثين والأساتذة للترويج للأفكار والدراسات العلمية ليستفيد المواطن منها، خصوصا في فترة الحجر الصحي اين يضطر المواطنون الى المكوث في المنزل و استخدام هذه المنصات للبحث عن المعلومات و الاستفادة قدر الإمكان.

 “لا يمكن محاربة المعلومة الكاذبة إلا بالمعلومة الصادقة والتي تأتي من المصدر الحقيقي”

 من جانبه، أكد الخبير في تكنولوجيات الاتصال و الرقمنة، يوسف بوشريم، إنه “لا يمكن محاربة المعلومة الكاذبة إلا بالمعلومة الصادقة والتي تأتي من المصدر الحقيقي”، لكنه استطرد مؤكدا أيضا أن هذه المحاربة “تكون بنفس الوسائل”، لذا يقول بوشريم وجب على السلطات أن تحارب الشائعات بنفس الأدوات التي تستخدمها الجهات المروجة للمعلومات المغلوطة، وأضاف في السياق ذاته، أنه “وجب على المواطن أيضا أن يكون واعيا ومدركا لما يتم نشره عبر صفحات الفايسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى لأن ليس كل ما ينشر يصدق”، ويرى أن هناك أطرافا تعمل دائما على خلق “بروباغندا”، كما اعتبر أن أغلب الصفحات هي قنوات لتمرير رسائل معينة أراد أصحابها تمريرها، وأشار هنا إلى “إشاعات ندرة بعض المواد الغذائية وما خلفته من تهويل كبير ونتائج سلبية”، وشدد بوشريم على ضرورة أن تكون السلطات على قدر المسؤولية في محاربة كل الظواهر السلبية في المجتمع، وإتاحة المعلومة الدقيقة في مختلف المجالات.

للأسف، في زمن الأنترنيت والتكنولوجيات الرقمية، كثيرون لم يعوا بعد حجم الفخاخ التي يمكن أن نقع فيها من خلال فبركة الصور والفيديوهات. وكثيرون لم يفهموا أيضا أننا لا يفترض أن نصدق أي شيء يصلنا عبر الأنترنيت. من وما هو المصدر؟ ما هي الحجج العلمية والمنطقية؟ما هي مشروعية هذا الشخص العلمية أو القانونية أو الإعلامية وغير ذلك من الأسئلة التي يفترض أن تساعدنا على غربلة ما نتوصل به

هذا طبعا عندما تتوفر لدينا الرغبة الحقيقية لمواجهة الإشاعات والمعلومات المغلوطة. أما حين نكون مستعدين نفسيا وفكريا لتقبلها، فنحن لا نحتاج حينها لأي نوع من الأسئلة!

  إعداد : كركار أكرم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق