حوارات

الباحث اسماعيل بن يوب و الأستاذ خوجة زين العابدين _ ضيوف قناة الديوان DW: الدعوة لإسترجاع كنوز ومخطوطات تاريخ وهران من مكتبة الفاتيكان

الدعوة لترسيم ذكرى تحرير وهران من الإحتلال الصليبي الإسباني  وإدراجه في المنهاج الدراسي

يوم دخل الإسبان وهران ولم يخرجوا إلا بعد 3 قرون!

 تم إحياء ذكرى تحرير وهران هذا العام الموافق ل 27 فيفري بصورة مغايرة ، من خلال إحتفالية أشرفت عليها مجموعة ارسام وهران  والتي يقودها الباحث و المرشد السياحي اسماعيل بن يوب رفقة جامعة وهران 2   ،ويقول الباحث و المرشد السياحي اسماعيل بن يوب أنه  رسمت لأول مرة مسارا تاريخيا و دينيا و سياحيا لرباط الطلبة بداية من رباط سيدي محمد بن عودة الفليتي  وهذه البطحاء كانت تسمى “استرحرح” والتي باتت مصطلحا شعبيا في وهران يعبر عن سعة الساحة و الإتساع  ، و ثم رباط إيفري، رباط جبل المايدة و مقبرة الطلبة الذين استشهدوا أثناء تحرير مدينة وهران بعد  ثلاثة قرون كاملة، سبقت الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830.

وأبان هذا الحدث عن اهتمام نخبوي احتضنته المدينة على مر عقود من الزمن صنع ملامحه العديد من رموز النضال التاريخي وجسمته محطات فاصلة في تاريخ المدينة منها ” معركة الطلبة ” التي لم تحظى بعد بالتدقيق في رمزيتها ،وثقلها التاريخي ،والنشر الاعلامي المستحق.

ورغم طول فترة احتلال هذه المدينة، إلا أن المناهج الدراسية الابتدائية لا تُدرّس قصة الاحتلال الصليبي الإسباني لوهران، الذي بدأ سنة 1492 وانتهى عام 1792.

 الغنائم الصليبية الإسبانية لم تقتصر على الاموال و الممتلكات ،بل طالت كنوز قيمة من كتب ومخطوطات

 ويقول الأستاذ زين العابدين خوجة في هذا السياق إن بدايات الاحتلال الإسباني لوهران تعود إلى الفترة التي تلت سقوط غرناطة والأندلس عموما، سنة 1492 وفور دخول الإسبان المدينة، تم تحويل جامعها إلى كنيسة وشكلت معركة يوم 11 سبتمر 1505 بداية الحرب الجزائرية الإسبانية، التي ستستمر لمدة ثلاثة قرون متوالية، إلى غاية تحرير مدينة وهران سنة 1792.

ويقول ضيف قناة الديوان DW “كان الاستيلاء على وهران  بخلفية عقائدية صليبية ، و لم يتوقّف الإسبان عند هذا الحدّ، فلقد نهبوا كل ما وجدوه،مشددا على أن الغنائم الصليبية الإسبانية لم تقتصر على الاموال و الممتلكات ،بل طالت كنوز قيمة من كتب ومخطوطات ،  فمدينة وهران كانت حاضنة علمية حضارية ، على شاكلة الزيتونة بتونس و القاهرة بمصر و  البندقية الإيطالية، وغنية من التجارة مع موانئ مرسيليا وبرشلونة، فغنم الإسبان كل ذلك“.

ومن جهته يقول الباحث و المرشد السياحي اسماعيل بن يوب أنه تم تحرير وهران في 27 فيفري  1792، العام الذي تحررت فيه المدينة نهائيا، والذي ذكره المؤرخون  بأنه “فتح”  بعد 3 قرون من الإحتلال الصليبي بقيادة الباي محمد بن عثمان الكبير، وبمساعدة جيش الطلبة، المكون من طلبة المدارس القرآنية والزوايا وشيوخهم، وقد تطوعوا للدفاع عن وهران الذي كانت له الكلمة الفصل في طرد الإسبان.

​​ أصل تسمية “وهران” ..

فند الباحث اسماعيل بن يوب ما يتم تداوله عن أصل تسمية وهران ، مؤكدا أن الروا يات و الأساطير المتداولة “مزيفة”، واكد ضيف قناة الديوان DW أن لفظ وهران بالواو مفتوحة  وليس بكسر الواو كما يروج لها  ، ووفق مصادر ابن حوقل و البكري و الإدريسي وآخرون  نقلها الدكتور الراحل يحي بوعزيز ، وأصل تسمية وهران هو ربط بين أواصر التواصل بين المشرق و المغرب العربي ، حيث يعود الاصل لقبيلة عربية من جبل عوف بالشام ، تسمية وهران عربية مرتبطة بقبيلة مغراوة  بعد تأسيس المدينة 902 م، وهناك بحوث وجدت خرائط إيطالية قديمة تذكر المنطقة بتسمية “بوران” وتعني “بحران” ،  ليضيف بن يوب بتأسف أنه هناك إهمالا تاما لتاريخ وهران ، وخلال الجولات  و المعاينات الدورية للمعالم و الآثار التاريخية، ففي كريشتل و العنصر توجد كهوف تدل على وجود وهران منذ العصر الحجري و أيضا الاثار الفينيقية و البونيقية ، و في برج الأحمر المريني الذي بناه السلطان أبو الحسن المريني سنة 1347 لكن عندما بدأ بناءه لكنه بني على بقايا قلعة فينيقية.

 وأضاف بن يوب للأسف هو أنه حاليا هناك جمعيات ثقافية تسعى جاهدة للتعريف و الترويج فقط الحقبتين الاستعماريتين الإسبانية والفرنسية ، ومحاولة طمس الحقبة الإسلامية التي سبقت الحقبتين المذكورتين بقرون في تاريخ المدينة العريق  والذي يعود لسنة 902م،.

 أثار مهدة بالزوال … والترميم معطل لأسباب مجهولة…


وأكد الباحث و المرشد السياحي اسماعيل بن يوب معاناة آثار مدينة وهران  العربية من  التهميش منذ زمن ، ولم تستفد من أي غلاف مالي خاص بالترميم و لذلك دخلت معالم وهران الأثرية في طي النسيان و التهميش إلى أن وصلت إلى هذه الحالة المتقدمة من التدهور فكل هذه العوامل جعلتنا نحس كنخبة مهتمة بالآثار و التاريخ أن وهران تعاني طمس و إهمال ممنهج يهدف إلى القضاء على وجه المدينة المشرق و العمل على الترويج لها بصورة تسيء لها و لساكنتها .

واضاف ضيف قناة الديوان DW أن مجموعة “ارسام وهران” قامت وبادرت بالتعاون مع شبكة البيئة والمواطنة و مشاركة عدة جمعيات و فاعلين والمجتمع المدني بالقيام بأكبر حملة تنظيف مست قضية وهران الأندلسية في 2021، والعمل على التعريف بالموقع و تحسيس المجتمع بقيمة الصرح الأثري الكبير.
فقصبة وهران يعود تاريخ تأسيسها إلى الأندلسيين سنة 902 م حيث اتفق أمراء الاندلس مع قبيلة “مغراوة” المحلية على ضم منطقة وهران إلى الدويلات و الإمارات التابعة للأندلس و بمناسبة هذا الاتفاق تم بناء قصبة وهران التي أصبحت قطب عمراني مميز بتجارته و تبادله الفكري العلمي مع الأندلس و العواصم التاريخية كتلمسان و فاس.
فهذا الصرح يتربع على مساحة ستة هكتارات و متمركز في موقع استراتيجي هام مطل على البحر و محمي من طرف جبل مرجاجو.
مرت على قصبة وهران عدة خلافات إسلامية أبرزها الواقعة التي جرت بين دولة المرابطين بقيادة تاشفين بن علي و دولة الموحدين بقيادة عبد المومن بن علي ,هذا الأخير الذي لاحق تاشفين من تلمسان إلى وهران سنة 1145م حيث احتمى تاشفين داخل أسوار قصبة وهران فحاصروه الموحدين حتى انسحب تاشفين ليلا ناحية المرسى الكبير رفقة زوجته عزيزة وجواده المسمى الريحان، لكنه سقط من أعلى جرف جبل مرجاجو و المكان سمي رباط قفزة الحصان.
لاتزال قصبة وهران تحتفظ ببعض الجدران و البنايات والأبراج تعود للفترة الزيانية و المرينية كبرج الجرس الذي له علاقة مباشرة مع حصن سانتا كروز.
أما في الفترة الإسبانية، قام الصليبيون بتغيير طابعها الأصلي و إعطائها وجه مسيحي وإعادة تحصينها فأصبحت تبدو على شكل ثكنة كبيرة متواجد بها الزنزانات، و السجون، و الأبراج، و الكنيسة الملكية.
بقيت قصبة وهران مدة قرنين من الزمن و هي مدينة أوربية تخلو من الإسلام و المسلمين، حتى مجيء الباي “بوشلاغم” محرر وهران سنة 1708 فاعتنى هذا الأخير بالقصبة وقام بعدة تعديلات و بنايات، من بينها الحمامات, و المحكمة العسكرية، و مخزن العتاد رفقة إقامة الباي بوشلاغم الذي اتخذها كمقر لحكمه، ثم استرجعها الإسبان مرة أخرى سنة 1732 إلى حين مجيء محرر وهران النهائي “الباي محمد بن عثمان الكبير” سنة 1792 حيث اعتنى ابنه عثمان بتعمير القصبة و تشييدها إلى حين مجيء المستعمر الفرنسي الذي حولها إلى ثكنة و سجن عسكري، الذي عانى من ويلات زنزانته شهداءنا الأبرار أمثال زدور إبراهيم و حمو بوتليليس والمجاهدة جميلة بوحيرد.
بعد الاستقلال عانى هذا الصرح الأثري و الثقافي الإهمال حتى لجأت داخله بعض العائلات جعلته مسكنا لها، و هذا ما أفقدها الكثير و الكثير من معالمها، وهي حتى الآن تستغيث و تناشد السلطات أن يقوموا بنفض الغبار عليها و استرجاع بريقها بالمحافظة على ما تبقى منها بتصنيفها، ثم ترميمها لهذه التحفة المعمارية تملك كل الإمكانيات لتصبح مطلب الزوار بامتياز.
وهو حال قصر الباي محمد الكبير  و المساجد ، دار العريش، مسجد بلبيطار، وقصبة وهران والتي تتواجد في حالة كارثية ، ويبقى التساؤل –كما يؤكد- اسماعيل بن يوب عن إستثناء هذه الآثار و الشواهد التاريخية القيمة من عمليات الترميم رغم تعليمات رئيس الجمهورية بترميم المساجد العتيقة.

وهو ما ذهب اليه الاستاذ زين العابدين خوجة مؤكدا أنه هناك محاولة لطمس الشواهد التاريخية الإسلامية لوهران مقارنة بالمسيحية الكاثوليكية وهو ما وصفه المتحدث بالعمل الممنهج لطمس تاريخ وهران الحقيقي.

 المطالبة بجعل يوم 27 فبراير عيدا وطنيا ..

وسرد ضيف قناة الديوان DW  اسماعيل بن يوب عدة توصيات قيمة عقب إحتفالية ذكرى تحرير وهران و أبرز ما جاء فيها هو ضرورة رد الاعتبار لمحرر وهران الباي محمد الكبير، و المطالبة بجعل يوم 27 فبراير عيدا وطنيا ، وإدراج الذكرى وتاريخ إحتلال وهران وتحريرها في المنهاج الدراسي ، إنجاز أفلام وثائقية ومسلسلات تاريخية تعرف أكثر بتلك الفترة،  استرجاع أرشيف تاريخ وهران الحقيقي من مخطوطات كتب ومراسلات لا تزال موجودة بمكتبة الفاتيكان و الكنيسة الإسبانية ،مع إعادة الاعتبار للباي محمد الكبير و الباي بوشلاغم بتسمية أحد الشوارع أو الساحات الكبرى بمدينة وهران بإسمهم الذي خلده التاريخ.

 أجرى الحوار:  لخضر .م

تصوير: خديجة بلعظم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق