الثقافي

“التحدي”.. أول فرقة موسيقية بالجزائر جميع أعضائها صم وبكم

جاء اسم الفرقة “التحدي ” من فكرة تحديهم للإعاقة ولنظرة المجتمع على أن المعاقين لا يملكون المواهب.

إنه من الطبيعي أن تعزف وتستمع إلى مقطوعاتك ويتناغم معها الجمهور،  ولكنه غير طبيعي أن تعزف وتتناغم مع مقطوعاتك و أنت لا تسمع و لا تتكلم، وهو الأمر الذي حاول عراب فرقة “التحدي” التابعة ل”مدرسة الأطفال المعافين سمعياً”، في عين تموشنت (الواقعة حوالي 450 كلم غرب الجزائر العاصمة)، سعيد بوهنية، تجسيده على أرض الواقع.

جميع أعضاء فرقة “التحدي”، الوحيدة بالجزائر، والتي رفعت شعار” نحول الصمت إلى موسيقى”، لا يسمعون ولا يتحدثون، لكنهم يشعرون بهمس النوتات، إذ تجد أنظارهم دائماً متصلة بقائدهم، و أناملهم تعزف إيقاعات متناغمة، أطفال تحدو الإعاقة، فصنعوا منها جسراً لإيصال صوتهم بطريقتهم الخاصة بالموسيقى.

أكد قائد الفرقة سعيد بوهنية، الذي زار الفرقة بمدرسة الأطفال المعافين سمعياً بحي مولاي مصطفى بعاصمة الولاية عين تموشنت، إن “تسمية الفرقة بـ “التحدي”، جاء من فكرة تحديهم للإعاقة”، و يقول سعيد ” هناك نظرة خاطئة للمجتمع عن هذه الفئة، على أنهم معاقين، لكن وجهة نظري كانت مخالفة تماماً، باعتباري من هذه الفئة ومن خلال احتكاكي الدائم و المتواصل بها، اكتشفت على أنها تحتوي على العديد من المواهب الكامنة، يكفي فقط صقلها وإبرازها“.

 بداية المشوار

وعن طريقة تدريب أعضاء الفرقة على الموسيقى، يقول سعيد “إن الفكرة تحت شعار “أنا معاق أنا أستطيع”، وهي منذ سنة 2013، عندما كان أستاذاً للموسيقى بدار الثقافة عيسى مسعودي لولاية عين تموشنت، ولفت انتباهه الاهتمام والميول الكبير لدى مجموعة من الأطفال الصم والبكم للموسيقى. “قررت حينها إنشاء الفرقة بدعم من مدير المدرسة آنذاك، السيد بوعلام حمادي الذي آمن بالفكرة، وقدم كل الدعم و السند لها، و تم اقتناء الآلات الموسيقية، و من ثم الشروع في التدريبات التي كانت صعبة في البداية”.

وعن استراتيجية تدريب أعضاء الفرقة على الموسيقى، عبر سعيد “أؤمن بمبدأ واحد، هو أن التلميذ أو الطفل، إذا أحب معلمه، أحب مادته، و بالتالي نجح فيها، فأول أمر سعيت إليه هو تحبيب الأطفال إلي، فكانوا بمثابة الأصدقاء، وتكونت بيني و بينهم علاقة صداقة خاصة“.

وعن طريقة التدريب، فـ”كانت بالحساب و الأرقام ، بإعطاء كل رقم لوزنه الموسيقي، حتى تم تدريب جميع أعضاء الفرقة على ” الصولفيج ” و الإيقاعات”،  و يقول سعيد ” لم أكن أتوقع الإستجابة السريعة لتعلمهم و تدريبهم، ففي فترة زمنية قاربت الثلاثة أشهر تمكن جميع أعضاء الفرقة وعددهم ستة، من تعلم “الصولفيج”، وكذلك التأقلم مع بعضهم البعض، فأصبحوا  ينسجون إيقاعات متناغمة بل وتعدى الأمر ذلك، إلى إحياء الحفلات الفنية، و المشاركة في مختلف التظاهرات الثقافية، التي تنشطها وزارتي الثقافة والتضامن الوطني والأسرة الجزائرية، فذاع صيتها، وأصبحت أشهر من نار على علم بالجزائر، فرقة التحدي رفع أعضاءها التحدي و لسان حالهم يقول “الإعاقة ليست نهاية العالم و إنما نقطة بداية، لتكون قاهر المستقبل،  أنا الأصم، افهموا لغتي، لتصلوا إلى عالمي وافهموا إيقاعاتي، دون أن أتحدث“.

 مطالب بالاهتمام أكثر بهذه الفئة

عبر أعضاء الفرقة بلغة الإشارات عن سعادتهم لما يقومون به لمراسل أخبار الآن بالجزائر، وعن امتنانهم لقائدهم على المجهودات المبذولة، وكذلك طاقم المدرسة، الذين وفروا لهم كل الإمكانيات المادية بما فيها الآلات الموسيقية و القاعة للتدرب، مطالبين بمزيد من الاهتمام بهده الفئة.

وقالت مديرة المدرسة، لوكيلي يحياوية، إن الفرقة تعتبر الأولى من نوعها على المستوى الوطني ووفقاً لتعليمات الوزارة الوصية، تقدم كل الدعم لمثل هكذا مواهب، التي تتمتع بها هذه الفئة من المجتمع و التي تعتبر نفسها كغيرها من فئات المجتمع التي تستحق كل المساندة“.

وأضافت لوكيلي أن مدرسة الأطفال المعافين سمعياً بعين تموشنت، تضم حالياً 58 تلميذاً و تلميذة، و تعتمد نظاماً تربوياً خاصاً، يشرف عليه أساتذة مختصون في الأرطوفونيا و علم النفس، و تنتهج منهج المدارس التربوية النظامية في التعليم الإبتدائي والمتوسط و الثانوي.

شهرزاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق