الأيام التكوينية الأولى لجراحة التشنجات العصبية بمستشفى 1 نوفمبر وهران

بلعــظم خ
أشرف الثلاثاء المدير العام المساعد للمؤسسة الاستشفائية الجامعية أول نوفمبر 54 بوهران، قادي محمد هبري نيابة عن المدير العام بار رابح، على افتتاح فعاليات الأيام العلمية التكوينية الجهوية الأولى لجراحة التشنجات العصبية (Chirurgie de la Spasticité) المنظم من قبل قسم جراحة الأعصاب التابع للمؤسسة، تحت إشراف “البروفيسور قربوز رابح”.، حيث شكل هذا الحدث فرصة لإطلاق هذا النوع من الجراحة لأول مرة على مستوى الجهة الغربية للوطن.
وقد حضر هذا اليوم العلمي والبروفسور تومي الهواري، رئيس المجلس العلمي، البروفسور بلبنة بشير رئيس القطب الاستشفائي الراس والرقبة بالمؤسسة ورئيس الجمعية الجزائرية والمغاربية لجراحة المخ والاعصاب الى جانب عدد من رؤساء المصالح الطبية والإدارية للمؤسسة، كما استقطبت هذه الايام التكوينية أكثر من 100 مشارك من بينهم أطباء ومختصون قدموا من مختلف المؤسسات و المراكز الاستشفائية للجهة الغربية على غرار وهران تلمسان، مستغانم، سيدي بلعباس، بالإضافة إلى مؤسسات استشفائية عديدة من ولايات أخرى، من بينهم مختصون في جراحة الأعصاب، أمراض الأعصاب، وإعادة التأهيل الوظيفي، ما يعكس الطابع المتعدد التخصصات لهذا الحدث.
خصص اليوم الأول من التكوين للمحاضرات العلمية، ألقاها نخبة من الخبراء الوطنيين، من بينهم البروفيسور عبد النبي بن عيسى، الرئيس السابق لقسم جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى الجامعي زميرلي، والمختص في جراحة الأعصاب الوظيفية، إلى جانب خبراء دوليين شاركوا عن بُعد عبر تقنية التحاضر المرئي (Zoom)، من أبرزهم البروفيسور سيندو من مدينة ليون الفرنسية، الذين تطرقوا لمختلف الجوانب النظرية والتطبيقية لهذه التقنية الحديثة في مجال جراحة الأعصاب. أما اليوم الثاني، الأربعاء 23 أفريل، فسيُخصص لتطبيقات عملية وعمليات جراحية مبرمجة، أين سيتم إجراء أولى العمليات الجراحية على مرضى تم تشخيصهم مسبقًا.
وفي كلمته أكد قادي محمد هبري، المدير العام المساعد للمؤسسة الاستشفائية الجامعية أول نوفمبر 1954 بوهران، أن تنظيم هذا اليوم التكويني العلمي الجهوي يندرج ضمن المخطط السنوي للتكوين المستمر الذي سطرته المؤسسة، والذي يُعنى بتعزيز الكفاءات الطبية وتطوير مهاراتهم العلمية والعملية، بما يواكب التطورات الطبية الحديثة على الصعيدين الوطني والدولي من خلال فتح المجال أمام الأطباء للاحتكاك المباشر والتفاعل مع خبرات وطنية رائدة، وأخرى دولية، مؤكدًا في كلمته على أهمية هذا الحدث كمنصة لإطلاق هذا النوع من الجراحات الوظيفية الدقيقة لأول مرة على مستوى الجهة الغربية للوطن.
وفي تصريح له على هامش افتتاح الفعاليات، أوضح البروفيسور قربوز رابح، رئيس مصلحة جراحة الأعصاب بالمؤسسة، أن تنظيم هذه الأيام العلمية يأتي في إطار التكوين المستمر لفائدة جراحي الأعصاب من مختلف ولايات الغرب الجزائري، وخصص لموضوع بالغ الأهمية يتمثل في جراحة التشنجات العصبية، وهي جراحة وظيفية دقيقة تُعنى بفئة واسعة من المرضى الذين يعانون من مضاعفات عصبية حادة. مضيفا “ارتأينا في المؤسسة الاستشفائية الجامعية أول نوفمبر بوهران، إطلاق هذا النوع من الجراحة لأول مرة على المستوى الجهوي، بالنظر إلى حاجة المرضى الماسة له. فالتشنجات العصبية تمس حوالي 80% من المرضى الذين تعرضوا لصدمات على مستوى الرأس أو النخاع الشوكي، حيث تظهر عليهم مع مرور الوقت تشنجات عضلية شديدة تعيقهم عن أداء وظائفهم اليومية، كالجلوس، الأكل أو اللبس بمفردهم، مما يُدخلهم في عزلة اجتماعية ويجعلهم عبئًا على عائلاتهم، وهو ما ينعكس سلبًا على حالتهم النفسية.”
وأكد البروفيسور قربوز أن التدخل الجراحي لا يكون الخيار الأول، بل يأتي بعد المرور بمرحلة العلاج التأهيلي وكدا العلاجات بالأدوية، وعندما لا يستجيب المريض لتلك العلاجات، يصبح الحل النهائي هو الجراحة، والتي تمنح هؤلاء المرضى أملًا حقيقيًا في استعادة حياتهم الطبيعية والاندماج مجددًا في المجتمع. كما أشار إلى أن هذه الجراحة ستمثل نقلة نوعية أيضًا في علاج فئات أخرى من المرضى، من بينهم مرضى التصلب اللويحي، وكذلك الذين تعرضوا لجلطات دماغية وأصيبوا نتيجةً لها بتشنجات عصبية، حيث تصبح للجراحة فعالية كبيرة لبعض الحالات لاستعادة وظائفهم الروتينية. وأضاف: “سنشرع في تطبيق هذه التقنية الجراحية على مستوى مصلحة جراحة الأعصاب لأول مرة على الصعيد الجهوي، ونعمل على تطويرها بالتنسيق مع المصالح المعنية، لاسيما مصلحة أمراض الاعصاب ومصلحة إعادة التأهيل الوظيفي ومصلحة الفيزيولوجيا العصبية، من أجل إنشاء مسار علاجي متكامل لهذه الفئة من المرضى.” وقد تم لحد الآن فحص 12 مريضًا مرشحين للاستفادة من هذا النوع من العمليات الجراحية، وسيتم برمجة عمليات جراحية لهم خلال الأيام القادمة بمعدل عمليتين يوميًا.
و من جهته، صرّح البروفيسور بلبنة بشير رئيس القطب الاستشفائي “الرأس والرقبة” بالمؤسسة ورئيس الجمعية الجزائرية والمغاربية لجراحة المخ والأعصاب أنه من الضروري وضع بروتوكولات علاجية دقيقة لتحديد المسار العلاجي الأنسب، خاصة أن أغلب المرضى من فئة الشباب، مما يستدعي توفير رعاية متعددة التخصصات لتحسين جودة حياتهم وتمكينهم من تجاوز الإعاقة. واعتبر أن مثل هذه الأيام التكوينية تعد فضاءً علميًا لتبادل الخبرات ومتابعة آخر المستجدات الدولية، مؤكدًا أن المؤسسة تواكب المعايير العالمية في هذا المجال، وتتوفر على كل الإمكانيات، ويبقى التحدي في حسن توجيه المرضى وتنسيق الجهود لتحقيق تكفل فعّال وشامل.