متابعات

مشروع التعديل الدستوري…. في مفهوم الأمن القومي

أثار التعديل المقترح للمادة 29 من الدستور الحالي الجدل ، المادة تنص:  “الجزائر تمتنع عن اللجوء إلى الحرب، لعدم المساس  بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى وحرّيتها، ونبذل جهدها لتسوية الخلافات الدولية بالوسائل السلمية “.

التعديل المقترح فتح المجال لإمكانية تدخل جيشنا خارجيا و ربط ذلك بحيثيات ، لكن الطرح أثار السجال لأن الأمر متعلق بتحول نوعي بعد أن  ترسخ مبدأ عدم التدخل   ضمن  عقيدة الجيش و بالتطابق مع العقيدة الدبلوماسية للدولة .

لكن في العقود الثلاثة الأخيرة ، أي منذ سقوط صور برلين و تهاوي النظام الذي تأسس عقب الحرب العالمية الثانية ، وقع تحولا لا يزال مستمرا ، تحولا اتصل بكل المعطيات  و يحتدم الصراع بين القوى الكبرى و القوى الصاعدة من أجل التحكم حتى في صياغة الخرائط و تحديد  معالم الجغرافيا السياسية و الإستراتيجية .

لم يعد الفاصل دقيقا بين الداخل و الخارج ، و في ظل التطور المذهل تتأكد عمليا نظرية تأثير جناح الفراشة .

و التحولات فرضت مراجعات لأن حتى في حالة تجنب التدخل فالآخر يتدخل ، و الأمور متشابكة .

و ما يحدث في محيطنا يؤثر علينا . لقد أكدت ذلك احداث منطقة الساحل و ما يحدث في ليبيا فمحاور عالمية و اقليمية دخلت و صارت تعبث بما يتصل بمصيرنا ، و لعل حادثة تينقوترين ليست معزولة عن ذلك .

يقول الخبير في الشؤون الدولية بشير شايب، إن المقترح يواكب التطوّرات والتحوّلات في مفهوم الأمن القومي، مضيفًا أن السماح بإرسال قوّات عسكرية خارج الحدود يستجيب للتحديات المستقبلية التي تواجه الجزائر، وهو تفعيل لخدمة الأمن القومي الجزائري، الذي يبدأ من باب المندب إلى مضيق جبل طارق، وأنّ أي هزّة في الإقليم، ستنعكس سلبًا على أمننا الداخلي.

وواصل في حديث إلى “الترا جزائر”  “أنه لا يعقل أن يكون هذا الانكفاء داخل الحدود السياسية، في انتظار الأخطار الخارجية كما هو حاصل في ليبيا والساحل الأفريقي” و “عدم تفعيل هكذا مقترح سمح للدول الأجنبية باللعب منفردة في الإقليم، وخاصّة القوات الفرنسية في الساحل، والتي تقوم بدور مريب في استمرار الاستقرار في المنطقة وكذلك تدخلات أطراف دولية عديدة“.

   و”  وجود قوّات جزائرية مستعدة للتدخّل حيث يجب، أمرًا سيقطع الطريق على الكثير من الأطراف الدولية والإقليمية التي تتلاعب بالأمن القومي الجزائري و” أن التدخّل خارج الحدود لا يعني الدخول في تحالفات وتكتلات عسكرية موجّهة ضد دول بعينها، أو التحوّل إلى شرطي في الإقليم، وإنّما الاستعداد الدائم للدفاع عن السيادة الوطنية ومصالح الجزائر في كلّ مكان“.

 

  أما أكرم خريف الخبير في الشأن الأمني والعسكري وصاحب موقع “مينا ديفونس” يرى أن مقترح تعديل الدستور ما هو إلا وضع إطار قانوني ورسمي لإرسال وحدات عسكرية خارج الوطن، ويتمثّل هذا عبر ثلاث مقترحات كما جاء في المسودة، أوّلها دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام، تحت رعاية الامم المتحدة، وثانيها دسترة مشاركة الجزائر في استعادة السلم في المنطقة، في إطار الاتفاقيات الثنائية مع الدول المعنية، وأخيرًا هي أن المادة 95 من صلاحيات رئيس الجمهورية، التي يقرّر فيها إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بأغلبية الثلثين من أعضائه.

و”أن هذه التعديلات من شأنها رفع الضبابية واللبس حول التصور القائم بأن عقيدة الجيش الجزائري عقيدة دفاعية فقط، مضيفًا، أن الجزائر عرفت عدّة تداخلات خارج حدودها، “ونأخذ على سبيل المثال، خوض الجنود الجزائريين حربين ضد إسرائيل، كما أرسلت الجزائر وحدات عسكرية في كل من كمبوديا وأنغولا والكونغو في إطار مهام حفظ السلام الأممية، أما في سنة 1976، فقد أرسلت الجزائر، وحدة مكونة من 400 عسكري إلى جانب القوّات السورية في لبنان لوقف إطلاق النار، على حدّ تعبيره.

 “إنّ الظروف السياسية والأمنية بداية من التسعينات جعلت الجيش الجزائري  منشغلًا في مواجهة الأوضاع الداخلية، مشيرًا إلى أنه بداية من 2011 ومع التطوّرات الإقليمية الحاصلة، تغيرت الأوضاع بشكلٍ جذري سواءً في ليبيا، الساحل والقرن الأفريقي، أو العراق وسوريا واليمن“. 

 هي أراء  من مختصين تثري  النقاش و تعطي شحنة لديناميكية الحياة السياسية في البلاد .

محمد بن زيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق