الوطني

والي وهران يأمر بفتح تحقيق حول محاجر “العنصر” التي أُنجزت رغم معارضة المديريات التنفيذية

بورحيم حسين

لا تزال معاناة سكان بلدية العنصر متواصلة ، بالرغم من كل التوصيات التي اقرها المسؤول التنفيذي الأول لرفع الغبن عنهم وتخليصهم من مافيا المحاجر ، هذه الأخيرة دفعت بهؤلاء إلى مراسلة “سعيد سعيود “مجددا مطالبين من خلالها بتخصيص زيارة مستعجلة لبلديتهم نظرا لتنامي المشكل مع مسيري ومالكي مختلف المحاجر المتواجدة بالبلدية، لاسيما وأنهم تضرروا كثيرا من تبعات الاستغلال من حيث الغبار المتناثر على منازلهم، والخسائر المتكررة التي تسببت في فساد منتجاتهم الفلاحية، بالإضافة الى الضجيج المنبعث من تكرار عمليات التفجير التي تتعرض لها المحاجر.

يأتي هذا في الوقت الذي أمر فيه المسؤول التنفيذي الأول على رأس ولاية وهران ، بفتح تحقيق مستعجل على مستوى بلدية العنصر مع المحاجر التي تعمل هناك ، إذ طالب جميع المسؤولين التنفيذيين التنقل الى عين المكان للوقوف على حجم التجاوزات، التي ارتكبها أصحابها في حق البيئة من جهة ، وصحة المواطن من جهة أخرى ، نظرا لان البنية التحتية لأحد أعرق البلديات باتت مهددة بفعل استعمال مادة الديناميت المتفجر باستمرار على مستوى ذات الأخيرة ، وهو ما يشكل خطرا جسيما على جميع الأصعدة .

وكان والي الولاية سعيد سعيود خلال اجتماعه التنفيذي انه مستعد لرفع القبعة لمالكي المحاجر إذا كانوا يعملون بطريقة قانونية ، اما إذا ثبت العكس وجب محاسبتهم ومتابعتهم قضائيا .

القرار الذي وصفه سكان المنطقة بالشجاع زرع في نفوسهم بصيص الامل وجعلهم يبعثون بمراسلة إلى والي وهران للإسراع في تجسيد القرار، حيث أنهم أكدوا بأنهم راسلوا الكثير من المسؤولين بالولاية، إلا أنهم لم يتلقوا أي رد إيجابي، ولم تجد مختلف دعواتهم لإيجاد حلول ترضي مختلف الأطراف، أي آذان صاغية ما جعلهم في نهاية المطاف يتوجهون بمراسلة والي الولاية لعل وعسى – كما يقول الكثير منهم – يجدون الحل الأنسب للمشكل العويص الذي ينغص معيشتهم.

وفي سياق متصل أكد عدد من السكان أن محاجر جرف العالية ما زالت تستغل بأبشع الطرق، بعد أن أكدوا أن بلديتهم التي تعتبر واحدة من أغنى وأجمل البلديات على مستوى ولاية وهران، لما تزخر بها من شواطئ ومقومات أخرى أصبحت في العشرية الأخيرة، محل أطماع الكثير من المستثمرين الدخلاء قصد استغلال خيراتها بـ”المجان ”، ولو على حساب الصحة العمومية وراحة السكان و طمأنينتهم.

ورغم أن البلدية ذات طابع فلاحي، إلاّ أنها دخلت عالم السياحة من أوسع أبوابه منذ إنجاز مركب الأندلسيات، على واحد من أهم وأكبر شواطئها لتدخل في عالم النسيان بسبب كثرة الفضائح العقارية والاستثمارية غير القانونية التي لحقت بها، لاسيما وأنه كان بإمكان مختلف الاستثمارات التي استفادت منها أن تكون مصدرا لتعزيز خزينة البلدية.

أبانت الوثائق الرسمية التي تحصّلت ”الديوان” على نسخ منها أن المحاجر التي تم إنشاؤها بمنطقة جرف العالية بالعنصر والتي بسببها ارتفع عدد الإصابات بداء الربو بذات البلدية من سنة إلى أخرى، تم استغلالها بطريقة تعسفية أمام رفض السلطات المحلية سابقا، والمديريات التنفيذية المعنية بولاية وهران.

ففيما تعلق بالوثيقة التي يعود تاريخها إلى العهد الاستعماري فهي مراسلة من الحاكم العام للجزائر يرد فيها على مندوب المالية الذي طالب بإنجاز مشاريع على مستوى منطقة جرف العالية السياحية بالقول ”إنه من المستحيل الموافقة على هذا الطلب الذي ينجر عنه اختفاء موقع سياحي مرموق”.

وأما الوثائق الصادرة عن الهيئات الجزائرية بولاية وهران بخصوص إنشاء محاجر بنفس المنطقة، خارج رغبة المواطنين والسلطات المحلية، فمنها المراسلة الموجهة من رئيس بلدية العنصر إلى والي وهران في 16 فيفري 2003، والتي يبين فيها أن بلديتهم تقع بمنطقة مهددة بخطر الفيضانات وهي الوضعية التي تضاعفت بعد تنصيب المحاجر، ”وهذا ما دفع بأعضاء المجلس الشعبي البلدي، وبعد مداولة، باقتراح التوقيف النهائي للمحاجر المنجزة بتراب البلدية، والتي أثرت سلبا على صحة وأمن المواطنين”.

كما أن مدير الثقافة بولاية وهران أودع مراسلة إلى مفتش البيئة بذات الولاية في 12 جانفي 2004 تخص معلم جرف العالية، ذكر فيها أن التنقيبات الأثرية خلال الحقبة الاستعمارية بخصوص الموقع المشار إليه تمنع أي استغلال له، والأمر كذلك بالنسبة للمدينة الأثرية بالأندلس.

ويضاف إلى ذلك محضر اجتماع لزيارة تفتيشية للجنة الولائية لحراسة ومراقبة المنشآت المصنفة فيما يخص المقلعين أو المحجرين، المؤرخ في 9 أوت 2004 والذي صدر فيه قرار أعضاء اللجنة العشرة ”بعدم الموافقة على استغلال المحجرين، واقتراح غلقهما وتحويلهما إلى وجهة أخرى”. رغم أن ممثل مكتب المناجم وقتها أبدى لوحده موافقته على استغلال المحجرين برخص قديمة، كما هو مدوّن في المحضر.

ورغم اعتراض السلطات المحلية وأعضاء حراسة ومراقبة المنشآت المصنفة الممثلين لمختلف المديريات المختصة على استغلال المحجرين واقتراح غلقهما، إلا أن ذلك لم يؤخذ بعين الاعتبار واستمر نشاطهما الذي دفع المواطنون ثمنه المتمثّل في انتشار عدوى الربو.

وكدليل على ذلك التقرير الذي أعده القطاع الصحي بعين الترك في 29 ماي 2005 والذي يشير إلى أنه في سنة 2000 ظهرت 456 حالة، وفي 2001، 577 حالة، وخلال سنة 2002 سُجلت 642 حالة، والعدد تضاعف بشكل رهيب في سنة 2003 ليصل إلى 1869، وأما في سنة 2004 فبلغ عدد المصابين بالربو 1581، ومع نهاية شهر أفريل من سنة 2005 برزت 460 حالة. وقد تكون الأرقام الجديدة إلى غاية 2022 مرتفعة أكثر ما دام أن المحاجر لم تتوقف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق