الثقافي

الشاعر صالح خويدمي بدوي… الشّعر هو كلّ لحظة يعيشها الشاعر ، نعيشها معه في قصيدة تخترق وجداننا ، وتلامس أرواحنا

حاوره / أ . لخضر . بن يوسف

صالح خويدمي بدوي من مواليد1952 بلدية هواري بومدين ، بمدينة قالمة ، أستاذ في اللغة العربية لمدة 32 سنة في التعليم ، لم يتقلّد مسؤولية ولم ينتسب لجمعية ، حاليا متقاعد ، يأنس بالتلاوة والذكر وينشد الشعر الذي هو أحلى نغمة ، عزفتها الأقدار على أوتار القلوب ، له إرث شعري طليعته نغم الحبيب الصادر عن دار ساجد

كيف كانت بدايتك مع كتابة القصيدة ومن هو الشخص الذي آمن بموهبتك في الكتابة منذ البداية ، ومتى كان ذلك ؟

كنتمنذالطفولةكمايروىليالفتىالانطوائيالمنعزلالذييركنإلىالوحدة،والتأملدونأنيفقهلذلكسرّا. أو يملك له أمرا.

وكان لزحف الظلام على النور ذات أصيل من أصائل الخامسة عشرة من عمري الأثر البليغ في وجداني البريء فقفوت:

أترحل وتتركني في المد غريب         أجالس وحدتي في تل خصيب

وأكتم حسي في شغاف مشتة          تناثرت كالتبر في صهر سكيب

استمرحسيالملتهبيواسينيتارةويبكينيأخرى. حتى تفجرت الموهبة وأصبحت تغزو القلوب وتسر النفوس. بنبض من الفؤاد صميم، وكان الدكتور محمد بن قريح رحمه الله ، أول المثقفين الذين يستنشدون قصائدي ، فيطرب ويستثني ويشجعني على المزيد ، وكان يقول صادقا لا أدري لماذا تطربني قصائدك.

هو وشاح الحزن الذي يلفّها أم جرس النغم الذي يذكيها وجمعتني رحلة التعليم بغالية، كانت تسعد بشعري باكية وملحة على جمعها في ديوان، لكن ضعف قوتي وقلة حيلتي كانت تحولان بيني وبين هذا المنى.

برأيك متى وكيف يصبح الإنسان شاعراً، هل الشعر موهبة ، وراثة،  أم يأتي الشعر على خلفية المعاناة أم أن هناك أمورا أخرى هي التي تصنع الشاعر؟

تلكقسمةفطرعليهاالقلوبفاكرالسماواتوالأرض،وليسللإسنانفيذلكحيلةإلاماأودعإليهفيفكره،وغرسفيقلبهمنموهبةوالهام،إذكلشيءبقضاءفقديرثالإنسانموهبةالشعرعنأبيهولكنليسذلكبالضرورةالأكيدة،قديكونللنسبيةفيذلكمايؤكدأوينفيومايذكرالتاريخعنالمتنبيلايذكرهعنأبنائه.

وما يأثر الأثر عن الموصلي في الموسيقى لا يؤثره عن سلالته دنوا أو بعدا ، وأما المعاناة فلولا لهيب السعير ما انصهر الحديد، ولأن لصياغة صيغ جميلة تجير المد وتحفظ العهد ، وما صيغة المبالغة لاسم الشاعر الذي هو كثير الشعور أي صاحب الإحساس السامي الجارف ، الذي ينبض إنسانية ويذوب شمعة لمسلك السالكين في رحلة الزمن إلّا دليل قاطع ومثال ساطع.

توجهتِ نحو الشعر، هل سنرى سفينتك راسية في يوم ما على شاطئ آخر كالرواية مثلاً ؟

  الشعر ريشه أوتاري، ونغمة نائي، وقيثارة ألحاني التي تعشق روحي وتؤنس غربتي في رحاب الخيال، وفي ضيق الدافع الأليم ولا أظنني أستبدل الشعر بسواه، ولكن ما تبنيه أوهام الأحلام تهدمه حقائق اليقظة ويصبح الإنسان مجرد نقطة تائهة في عرض المحيط فما عساه أن يفعل، أيسعى إلى الشاطئ يلقي المراسي أم يستمر ضائعا إلى ما شاء الله.

هل واجهتك صعوبات في صقل موهبتك ؟

يقيناتعلمأخيلخضر،الزهرةإذالمتتعهدهابالسقيوالرواءتذبلوتموت،كذلكالموهبةالشعريةأوالموسيقيةأوغيرهما،ومنلايلاقصعوبةلايصعدقمة،ولايصقلهمة،فقدتهجرنيالقوافيهجراجميلا،وتعودعجولةكمايعودالحبيبإلىحضنالحبيب،إذاجاهدفيالحياةحقالجهاد،ومدللصبريدالإنقاذ.

ما الذي دفعكِ للكتابة ، ومتى دوّن قلمك أول نص ؟

دواعيالكتابةكثيرةبعدهمومالحياة،ومشتهىالنفسومنىالروحورفائفالقلب،فإذامادعاالداعياستجابالقلبورفةالروح،وسرىالخياليعزفأنغامالحياةالتييعايشهاألماوجيهاأوحلماوديعا،قدتكونبسمةحالمةأودمعةساخنةأونغمةهائمةفيلحظةمنلحظاتالشوقوالحنين،أوالألموالأنينأوالخوفمنلوعةالفراقالممدودأوالتوقإلىقمةالوجود.

وأما أول قصيد استقام لي فكان ( عودي الى الأحلام) أذكر منها:

إني انتظرتك عمري وما أتيت         فلما تجليت لي يوما غدرت

ما ظننتك مثلهن ضعيفة            إذاذقتطعمالحنانكفرت

                رميتني بسهم في الصميم أصابني    أو أتدري أي فتى قتلت

عودي الى الاحلام ثانية              وأسبحي في خيالي كما شئت

هذا ما طاف به طائف الشباب ذات غرة من غر العشرين.

حدثنا قليلاً عن إنتاجك وإبداعاتك الأدبية ، وخاصة آخر إصدارنغم الحبيب، ما هي الموضوعات التي تطرقت إليها ؟

أيأخي،كلماطافطائفالألمأوالأملاهتزتالأوتاروتناغمتالألحانتستجيشالإحساس،وتنورالشعور،فيبقىللحياةذكراوللإنسانيةفكرافيعالمالشعرالذيأناأحدرواده،أوعالمالنثرالذيخطامنيبرسالةلابنيتجسدخبرتيفيالحياةهي (دنيا الحبيب) ومسرحية تاريخية لطارق الأندلس هي (الطريق إلى الفردوس) وكلتاهمالاتزالفيرفالانتظارلحائللميزولبعد،وقديرىالنورفيالإعدادذاتيوم

الديوان الثاني (وحي الأنغام) إذ يسر الله ذلك.

أما نغم الحديد الذي كتب له أن يرى النور على يد سيدة ساجد السيدة الأميرة التي تمد للانتظار يدا، وتفتح للشاكين قلبا وتمنح البراءة حضنا يفيض حنانا ودفئا فهو همس روحي، ونبض قلبي، ورحيق فكري، ونغمي الشادي في دنيا الوجود ، وقد صف في ثناياه عاطفة الأبوة طهارة ونقاء، وجمال الطبيعة السرمدي الذي لا يبليه عناء، ولا يعتريه فناء، ووشح بالحب العفيف الذي ينبض بالتضحية والوفاء، وحب بلادي الجميلة بما وهبت من زرقة البحر وطلة الجبل وروعة المناظر ورحاب السهول، ومد الصحراء في أناقة وذهول ، وقد كان لمطلع قصيدة من النغم (غرة الخلود) تجسيدالذلك

أعاصمة الجهاد وقلعة الابطال         هل لسحر عينيك في الوجود مثال

وهل في دنيا الجميلات مثلك جميلة     لها نور الشمس وسحر الغزال

وهل في عالم الثراء مثلك ثرية          جمالك سحرك قدك والدلال

فضائل ما جمعت ابدا في فاتنة         كساها الطهر ونورها الجمال

وهنالك قصائد ومواقف ذكر من بطول . فيهذاالمقام

كقصائد اللوعة والجفاء والذكر والرثاء، والاماني والعتاب

ورحلة العمر في دنيا العذاب . ومثال على ذلك من قصيد اليف العتاب

أعددتك للحياة فصيحا جذاب         كنور الضحى بأسر الألباب

وتوجك الجليل بتاج وسامة           كست قواكم جلالة ومهاب

فجئت يوسف زمان عزته            بروح الجلال وأصالة الانساب

ماهي القضية التي يعالجها قلمك ويحملها أدبك ؟

لعلكتشاطرنيالرأيأخيلخضرأنقضاياالأمة،وأرزاءالحياةعديدةومتنوعة،لكنأهمقضاياالحياةالذاهبةوالآئبةهيالحريةالتيفطراللهعليهاعبادهفيهذاالمدالرحباللامتناهي،وحثهمعلىالسيرفيالمناكبوالتأملفيالآفاق: ليكسب الفرد إيمانا يتوثق صلته مخالفة ويعاضد ثقته بنفسه، فإذا استوثق بقدرته وتسلح بعقيدته وتحصن بأخلاقه، وتثور بالعلم، أفلح الأرض، وحمى العرض وأطعم الجائع وأمن الخائف. وتلك مصيبة العروبة وآفة العرب، وتلك قضية وأمانة يحملها كل مثقف وكل داعية وكل قائد نزيه.

كيف يؤثِّر المكان في كتابة الشاعر وفهمه لذاته ؟

كان الإنسان وما يزال ذلك الكائن الأليف الودود الذي يؤلف القربى، ويكسب الود، ويستسيغ معنى الحياة مع أليف الحياة ، وإذا كان الشاعر هو صاحب المد البعيد في التفاعل مع الطبيعة تأثيرا وتأثرا ينهل من عذوبتها وزرقتها ، ويتجرع مرارتها وقساوتها ليدرك لوجوده معنى ولمعاناته في الحياة أساسا ومبنى للشخصية التي تميزه عن غيره وتعيره اهتماما دون سواه، وهو بذلك محمل هموم الأمة وقضايا الإنسانية وأرزاء الحياة في قصائد ينثرها ومواقف يقرها في عالمه ودنياه.

يتميز شعرك بالعمق والإيحاء والجمال ، ما هي مصادر إلهامك الشعري  ؟

تدركيقيناأخيأنالشعرإذالميتميزبالعمقوالإيحاءوالجمالفليسمنالشعرفيشيء،بلهوعبثحائلوطيفزائل،ومادليلكعلىذلكإلابصيرتكالنافذة،وسريرتكالصافيةوحسكالجميل،إذلايرىالنورإلاالبصير،ولايتخبطفيالظلامإلاالضرير،فيعالميكسوهالجمال،وينورهالجلالفيسبحمتوجبالأنغام،وعجائبالإلهام،أليسفيروعةالأصيلإلهاما،وفيعذارةالربيع،وكآبةالخريف،وغضبالشتاءويبسةالصيف

مشاريعك المستقبلية ؟

ألا تهزك العيون البواكي، وأنين الشواكي ، وخرير السواقي ، والله إنها لكبيرة وبالإلهام جديرة ، مسار يبقى في عالم الغيب لا يمتد لها بنان، ولايوفر لها أمان ، ذلك أن ضعف قوتي وقلة حيلتي كما ذكرت لا تشجعان على الإفصاح عن مشاريعي، لكن احترامي لك وللقراء الكرام يدعوان لذكر (ديواني الثاني وحي الأنغام ) الذي هو قيد الإعداد (رسالة دنيا الحبيب ، والطريق إلى الفردوس ) فيرفوفالمهملين،ولعلمايدخرلنافيعالمالغيبخيروأبقى

كلمة أخيرة للقراء والجريدة

كان لهذه الإطلالة في نفسي الأثر البليغ، وكان لإشراقة الصفحات والأمل الوديع، والجريدة والقراء، تقاسماني ألما وجيعا عايشته وحدي عمرا صريعا، يذكي في نفسي نارا استوقدت لحسي الملتهب وقاف المنسكب فل ، وأكتب حسي لخضر بأسئلة تنم عن ذكاء محاور بأسلوب رفيع وحس بليغ ، فجزاك الله والجريدة عني كل خير، وجزى القارئ المتصفح نغمي ذات أذيع .

رفة الساري

لكم الأخضر تحية وثواب               وللغراءالرائدةدعاءمستجاب

إذا أثمر في الدوحة غصن             تألقفيالبكورجنىورطاب

تذكر أن لك في الجزائر أخ             لهمنالوفاءمايغنيأسراب

كفاكم الله كل حائل في الدنى           وعشتمللفكرسفراءوأقطاب

ودمتم للجزائر دعاة مجد               أكفتاريخهبلفةوخطاب

سقاكم الغيث يانع ثمرة                 أجارتبراءةمنضنكةوعذاب

وشعت في الظلماء تنير طريقا         روادهناشئةضللهاالضباب

     صالح خويدمي                                       قالمة في 13/12/2020      

            

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق