الثقافي

قصص عن الثورة الجزائرية في الذاكرة الشعبية “الـوضـع الاجتماعي”.. قراءة من الفصل الأول 

بقلم: الأستاذ عبد الحاكم كمال

 عمل الإحتلال الفرنسي منذ دخوله على تجهيل الشعب وتجويعه وطمس هويته وسنة (1859) أصدرت السلطات الفرنسية مرسوما يخرج القبائل العربية من نطاق القضاء الإسلامي ويجعلها تابعة لقضاء خاص وشجع المحتل التبشير في الأهالي  تشجيعا عظيما وكان من ما يلقنه المبشرون للأهالي أنهم أوروبيون ومسيحيون في أصولهم وأن العربية والعروبة  والإسلام  لا علاقة  تربطهم بهم.

وبعد قرن من الإحتلال سنة (1930) أصبح الوضع الاجتماعي في الجزائر كما يلي:

 أ)   –  بلغت نسبة الأميين من العرب (95%)

 ب) – عدد الطلاب في الجزائر  ستون (60) الف من بين أكثر من مليون طفل في سن الدراسة  وهدف التعليم  إنشاء جيل  متفرنس لا يعرف عن العرب والعربية والإسلام شيئا.

 ج) – الحالة الصحية للأهالي سيئة جدا والأمراض تفتك  بالشعب

 وهكذا أصبحت الجزائر  ذات الماضي الحافل بالبطولات صاحبة الأسطول البحري المسيطر على البحر الأبيض المتوسط أصبحت ترزح تحت نير الاستعمار وأي إستعمار…….؟ استعمار رأى الجزائريون من خلاله أفظع صور الظلم والطغيان والتعسف.

وهام الجزائريون على وجوههم وخرجوا من ديارهم  وبيوتهم كل هذا وجيوش المحتل تزداد عددا وعدة  كما تزداد أملاك المعمرين توسعا على حساب أهل الأرض وملاكها الشرعيين.

لم يكـن هـناك استقرار في المـدن والقـرى والبـوادي والمد اشر منـذ دخـول الإحتلال الغـاشـم ولم يكن حالهـم في المـدن أحسـن من حـالهـم في القـرى والمـداشـر والبـوادي ففي المـدن كان يعيـش الأهـالي على عملهـم في مـزارع المعـمـرين ومصـانعهـم ومتـاجـرهـم.

أمـا أصحـاب الـبـاديـة فهـم في حل وتر حال طـوال السنـة سعيـا وراء المـراعي الخصبـة لمـواشيهـم ويعـودون في الصيـف لجمـع المحاصيل هـذا إذا جـادت أرضهـم بشيء من المحصـول والبعـض يقتـاتـون من عملهـم المضني في قطـع الحلفـاء ورعـاية المـواشي. مـع قسوة الحيـاة في الـباديـة والتنقـل التماسا للمـراعي كانت هنـاك الخصـومـات القبليـة لسبـب ولغيـر سبـب نتيجـة ظـروف تثيـرهـا العصبيـة بيـن القـبـائل وتغـذيهـا أفـكـار استعمارية هدفها تشتيت الشمل أو سياسة (فرق تسد) ولم تكـن حيـاة أهـل المـدن تمتـاز عن حيـاة أهل البـاديـة إلا بشيء من الاستقرار وقليل من الثـراء تمتـاز به أقليـة من الأغنيـاء ومن الخـونـة والمـوالين للعـدو من قياد وبشـوات.

كان هـذا هو حـال الجـزائـرييـن في شـرقهـا وغـربهـا وشمـالهـا وجنـوبهـا ومع هـذا كلـه وكانت قلـوب الأحرار الثـائريـن عن الـوضـع من الشعـب تشتعـل نـارا وتتمـزق أسفا وحسرة لما يجـري على أرضهـم وعلى مـا صنـع المحتلين بـوطنهـم حيـث أصبحـوا خـدامـا عنـده إلى درجـة الـرق وضعفـاء إلى درجـة الـذل والهـوان.

كان تصـرف الغـزاة تعسفيـا ووحشيـا إلى أبعـد حــد من التعسـف والـوحشيـة ومعاملتهـم مخـالفـة للعـدالـة والإنسانية وإن كـان وجـودهـم في حـد ذاتـه مخالف للعـدل والعقل والإنسـانيـة معا  وهذا ما أثار دهشة واستنكار اللجنة المبعوثة من طرف ملك فرنسا التي جاءت بعد الاحتلال بثلاث سنوات فوصفت في تقريرها وحشية الغزاة ومعاملتهم المخالفة للعدالة والعقل معا ولخصت هذه اللجنة تقريرها في ما يلي:

 عدم مراعاة حرمة العادات والأرواح

 الإستلاء على ملكية الدولة وأملاك المؤسسات الدينية

 مصادرة أملاك السكان دون مقابل إجبار السكان على دفع نفقات تدمير منازلهم والأدهى من ذلك نفقات تدمير المساجد

 التعذيب والتقتيل الجماعي لمجرد الشك

 وبلغ عدد المعمرين سنة 1954 الـسدس (1/6) من مجموع سكان الجزائر حيث استولوا على 2726700 هكتار من الأراضي المنتجة واحتكروا (90%) تسعين بالمئة من النشاط الصناعي والمصرفي كما سيطروا على الهيكل الإداري والتقني في الجزائر.

تعتبــر كتـابـة التـاريخ من أهـم القضـايـا التي يجـب الإهتمام بهـا من طـرف كل مـؤرخ وبـاحث جـزائري وخـاصـة كتـابـة تـاريخ الثـورة التحـريريـة لأنهـا مسـؤوليـة الجميع وهي ملقاة على عـاتق من صنعـوا هـذه الثـورة أو من شـاركـوا فيهـا وبالتـالي عليهـم أن يسـاهمـوا في كتـابـة التـاريـخ الـذي أصبـح على مـا يبـدو غـامضـا وغير واضح المعـالم والأبعاد عنـد البعـض من المجتمـع الجـزائري وخاصة الأجيـال الصـاعـدة ومن واجـب أبطـال الثـورة وصانعيهـا ومن عـايشـوهـم أن يسجلـوا مـذكـراتهـم.

أن يجد المثقف في هذا العمل ما يدفعه إلى البحث حتى يكون لنفسه رأيا خاصا.

إذا كان من وراء كل هـدف غـايـة فغـايتنـا من هذه المبـادرة هي خـدمـة التـاريـخ وتمجيـد الثـورة والثـوار وإبـراز نضـال سكـان المنطقـة بصفـة خـاصـة والشعب الجزائري بصفـة عـامـة وعنـدمـا أقـول المنطقـة أعني المنطقة التـاريخيـة بالولايـة الخـامسة النـاحية الأولى والثـانيـة  والمـمـتـدة مـن سيدي الجلالي ولاية تلمسان إلى المشربة ولاية النعـامـة ومـن رأس المـاء ولاية سيدي بلعباس إلى الحـدود المغـربيـة.

أو بعبـارة أدق المنطقـة التي نحـن بصدد كتـابة شهـادات عن نضـال بعض المجاهدين في السلاح والتنظيـم.

ونـريـد أن نفتـح من خـلال هـذا العمـل المتـواضع نـافـذة  مطلـة على نضـال سكـان هـذه الجهة وتضحيـاتهـم والتفافهم حـول الـثورة حيـث لم تكـن هـذه الجهة منطقـة عبـور فحسـب بل كـانت إلى جانب ذلك منطقـة إمـداد مـادي وبشـري على سبيل المثـال فقـط في ليـلة واحـدة تم تجنيـد أكـثـر من ستة وثلاثون (36) رجلا لم يبق على قيـد الحيـاة منهـم إلا ثلاثـة كبير عمر ولد أحمد المشرية

 الزوايلي أحمـد “سيدي بلعبـاس” والثالث لم أتمكـن من معرفة إسمه والبـاقي سقطـوا في ميـدان الشـرف في أنحـاء الجـزائر وعلى تـرابهـا الطـاهـر ولهـم بصمـات لازالت تـذكـرهـا لهـم الـذاكـرة الشعبيـة في المنـاطق التي كـانوا ينشطـون بهـا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق