الثقافي

في ذكرى رحيله….عبد القادر علولة.. القامة التي يتّمت المسرح

تحت أنغام اجمل تأبينية سمعها المستمع خط نوتاتها فرقة “ناس الغيوان” عن علولة عبد القادر عميد مسرح وهران ،  الرجل الذي استشهد في سبيل المسرح يوم العاشر مارس 1994 الموافق لليلة القدر ليلا وهو خارج من منزله بشارع مستغانم ذاهبا لقصر الثقافة لنشاط ثقافي مسرحي كان سينشطه لا يعرف لليوم ماذا كان سيصرح به علولة يومها المعروف ان علولة فاعل مسرحي كبير لا ينشط نشاطا نقديا الا وبعده ثورة وفكرة ..الفكرة لا تموت لكن صاحبها مات .

كان علولة دائما التفكير في نهضة مسرحية بمبادئ حزب الطليعة الاشتراكي الذي كان ينتمي له ان ذاك وبقى كذلك مع اهتمامه الكبير في ارشفة الفلكلور المسرحي بالمدينة كان دائم التفكير في صنع مسرح اكادمي بمبادئ بريختية  مستلهم من الحلقة وثراثها المقسوم لعدة أصناف تمثيلية أهمها القوال المداح البراح الهراندو والعجاجبي

1/ من هو عبد القادر علولة

 ولد يوم الثامن جويلية 1939 بولاية تلمسان في مدينة الغزوات  ودرس الدراما في فرنسا. ثم انضم إلى المسرح الوطني الجزائري وساعد على إنشاءه في عام 1963 بعد الاستقلال.

أعماله عادة كانت بالعامية الجزائرية والعربية منها : «القوَّال» (1980) و«اللثام» (1989) و«الأجواد» (1985)، و«التفاح» (1992) و«أرلوكان خادم السيدين» (1993)، وكان قبل مقتله في يناير 1994 يتهيأ لكتابة مسرحية جديدة  بعنوان «العملاق» ولكن يد الإرهاب الأعمى كانت أسرع.عندما أغتيل شهر رمضان في 10 مارس ، على يد جماعة مسلحة

لكن شهرة عبد القادر علولة في توظيف شكل الحلقة في مسرحه (وهو رفيق قديم لولد عبد الرحمن كاكي على درب الفن) غطت على كل التجارب الأخرى، لكونه صرف كل جهوده في الأعوام الخمس عشرة الأخيرة من حياته لبناء مسرح مستلهم من «الحلقة» شكلاً وأداء، بعد أن توصل من خلال الممارسة العملية إلى قناعة شخصية أن القالب المسرحي الأرسطي ليس هو الشكل الملائم الذي يستطيع أن يؤدي به رسالته الاجتماعية، في البيئة التي يتعامل معها، وقدم خلالها خمسة أعمال فنية ثرية.

 

 

2/ تجربة علولة

بعدما درس المسرح اكاديميا اصبح علولة يبحث عن هويته المسرحية فلم يجدها مكتوبة في الكتب الرسمية للمسرح لم يجد ان الارسطية ستساعده في تأسيس رؤيته ففصلها عنه ما اثار غضب النقاد آن ذاك فالقواعد الارسطية تعد مقدسا لبعض الدارسين الذي ينظرون انها هي المسرح وغيرها لامسرح ..لم يجد علولة في التاريخ سوى بلتود بريشت الألماني زعيم المدرسة الملحمية البريختية و استاذه ولد عبد الرحمان كاكي اب مسرح التصوف او ما سيطلق عليه علولة بعد استقامة تجربته مسرح الحلقة .

 

 

3/ علولة و الطحطاحة

قبل ان يسكن بشارع مستغانم سكن عبد القادر علولة مع عائلته الأولى في المدينة الجديدة التي لا تبعد عن الطحطاحة في عصر طفولته كانت الحلقة في اشدها وكانت الطحطاحة مزارا رسميا للقوالة او مايسمى بالمسرح البدائي عندما اصبح ذاك الطفل علولة المخرج عاد الى الطحطاحة واراد ان يسجل القوال وهو يعرض عروضه فسجل ذلك صوتا ..يؤكد رفقاء دربه انهم عندما أرادوا الاستماع للتسجيل بالمسرح الجهوي لوهران انهم سمعوا كل ما في السوق الا القوال لم يسمعوه من عنا بدات تجربة علولة في الظهور تاكد علولة ان طريقة كلام القوال تجذب الانتباه في ضجة السوق مابالك فوق الخشبة وبدا يؤسس للحلقة الممزوجة بالسرد وكسر جدار برشيت .

 

 

4/ علولة وسيراط

لو لم يكن علولة ماكان سيراط والعكس صحيح لو لم يكن سيراط ماكان علولة ..فالمخرج قائد لكن الممثل هو أداة القيادة ..سيراط اضفى لمسرحية لجواد سلوكا اخر وتمثيلا لم يسبقه فيه احد ..جلول الفهايمي عصبي مريض تتغلب عليه النرفزة يزعف ويخصرها ..هي اللازمة التي كتبها علولة كي تلازم سيراط في فصل جلول الفهايمي .

 

 

5/ علولة والموت

خرج علولة من بيته ذاهبا لقصر الثقافة الذي لايبعد عنه كثيرا في ليلة رمضانية لتصيبه رصاصة غدر ترميه صريعا بطريق حي مستغانم كانت الدهشة والغرابة تغزو المكان حول علولة لفرنسا ليلتها يوم التصويب العاشر من مارس 1994 العود قتيلا شهيدا يوم الرابع عشر من مارس من نفس السنة الى ارض الوطن ليحكم الإرهاب وقتها على نهاية النهضة التي كان يتطلع لها علولة .

 

 

6/ علولة أما بعد

كثيرون في الفعل الثقافي خصيصا بوهران يتكلمون عن علولة الى درجة تصنيمه وجعله صنما من اصنام المسرح التي لايجوز الخروج عن مسرحها  مهما كان ويراه البعض انه هو الحقيقة التي ليس لها تفسير اخر ويضن الاخرون ان نهاية المسرح كانت مع علولة

لكن هل الحلقة ومسرح القوال يستطيع ان يكون في عصرنا

ربما نعم كما يضن العديد من المسرحيين الذين كرروا علولة في مسرحياتهم لاكثر من ربع قرن.

اليوم حان وقت نهاية مسرح الحلقة

لماذا؟

يعتمد مسرح الحلقة اعتماد تاما على السرد والحكي ما كان مرحب به في التسعينيات لكن في الوقت الراهن قد انتهى زمن الكلام والمشهدية وبدا زمن اللاكلام و اللوحة فالصورة ..جمهور اليوم يريد جمالا اضائيا وموسيقيا وسينوغرافيا وكوريغرافيا ..يريد تمثيلا لا يريد سردا ..جمهور اليوم سئم من لغة الخشب التي يمارسها السياسيون وليس مستعدا ان يرى نفس لغة الخشب فوق الخشبة أن أوان حمل مطرقة نيتشه وكسر الاصنام.

في الأخير : علولة طبعا من اعظم ما صنعت الجزائر من مخرجين و مفكرين ويشهد له في ذلك الجميع لكن زمن المسرح الذي انشأه انتهى لو كان علولة حيا ليومنا هذا لكان اول شخص ثار على مسرحه .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق