وجها لوجه

قراءة في ديوان  “التي لا تأتي  للشاعر”  خليفة العربي ولد الهادي

رسائل للأمل و الحب في زمن التيه والخيانة

يطالعنا  الشاعر خليفة العربي عبد الهادي في ديوانه الشعري الموسومالتي لا تأتيبباقة من القصائد التي ينسجها و يرسمها كما يرسم الفنان لوحته بلمسة وجدانية و مخيال حي و واسع و عاطفة متوهجة فياضة ، بين اوجاع و ألم و بصيص  أمل ، كما عهدناه  في جل كتاباته الأدبية  الراقية في مسيرة  طويلة  في مجال الحرف و الكلمة .

التي لا تأتيهو مزيج بين قصائد في الغزل و اخرى مرثية لواقع وطننا العربي و احواله في زمن التردي و الخيانة ، و قصائد أخرى مخملية محبوكة بلون الورد في عشق أنثى يرسمها بلون القلب و الجوى ، و يضاف اليها قصائد  في ذم السياسة في وطننا الذي جعله مرآة تعري كل الاوطان العربية التي تشترك في واقع مر و تعبد طرقه الأكاذيب و يتفنن  الحكام في بيع الوهم للسذج .

قد يتبادر لأول وهلة و انت تتصفح هذا الديوان الشعري أن  الشاعر خليفة العربي عبد الهادي يضع عصارة تجربته الحياتية ليس كمبدع فقط ولا كأديب بل كمثقف يعيش في وطن يضع المثقف على هامش الحياة ، فيرسم تلك الهواجس في قصائده مستعينا بذلك المخيال الواسع و يتفنن في انتقاء الكلمات للتعبير عن تلك الخلجات النفسية .

من جمالية القصائد التي رصعت هذا الديوان ننتقل الى سيميائية العناوين  التي اعتلت كل قصيدة من القصائد 23 التي ضمها الديوان بين دفتيهلا تصفقوا،طقوس الى امرأة منفية، تهمة لا يصدقها قلبي،لعبة و سياسة،خذي مني ما تبقى من الفرح،هل يبقى شعري اذا مت،يا ندمي،قتل المهلهل،ما زلنا نياما،حوارية الرحيل و الاشتهاء، تتجلى  تلك  الرغبة  في  التعبير عن تلك الخلجات النفسية  من خلال تلك العناوين التي انتقاها الشاعر  خليفة العربي عبد الهادي  التي تتصاعد  فوقيا من فتور الى ذروة ، فالعنوان هو مفتاح القصيدة  التي تسمح للقارئ ان يتوعب تلك الرسائل المشفرة  التي يبعثها الشاعر لقراءه  بين السطور من خلال شمولية التعبير عن الحب ، الحزن، الفرح ، الرجاء، الثقة و الخيبات أيضا .

يحمل الشاعر عادة هواجسه و هواجس وطنه و انتماءه الجغرافي او القاري و بعده الانساني  فيعبر بتلك  السعة عن كل تلك الاشياء  الجميلة و الحزينة و يسموا بها لتصل الى قلب القارئ سواء كان عاشقا ، محبا، مجربا، فاشلا، سعيدا ، مهموما او يحمل في قلبه غصة او قضية .

يبقى الأمل حاضرا في مجمل القصائد ليبدد مسحات الحزن في بعض منها ، و لهذا  فاءن ديوانالتي لا تأتي  للشاعر خليفة العربي عبد الهادي  و الصادر عن دارخيالللنشر و التوزيع بالعاصمة في حلة أنيقة و اخراج جميل مؤلف جدير بالمطالعة  و يسمح للقارئ الاستزادة من فيض الابداع و جمالية المعاني .

للاشارة و التنويه فاءن الشاعر خليفة العربي ولد الهادي  ينحدر من بلدية الحمادنة بولاية غليزان و يرأس حاليانادي مينا الأدبيالذي اسسه برفقة ثلة من ادباء الولاية لجمع شتاتهم  تحت بوتقة و قبة  خدمة الثقافة التي ظلت تعاني جفافا ثقافيا و قحطا لسنوات ، فضلا عن كونه يعتبر من رعيل الكتاب الأوائل الذين كانت لهم اسهامات في عدة صحف وطنية و محلية و ايقونة الابداع و فارس من فرسان الحرف لطالما رصع بكتاباته الشعرية و في فن الخواطر  صفحات  جريدةالمساء، الجمهورية الأسبوعية،الخبر،الشعبو غيرها من العناوين و لا يزال يبدع ليكون هذا الديوان هو باكورة أعماله المنشورة .

ابتهال منال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق