مساهمات

بسكرة…. ندوة حول النشاط المسرحي للشهيد محمد العربي بن مهيدي

متابعة : الأخضر رحموني

 

بمناسبة الذكرى 64 لاستشهاد البطل الرمز محمد العربي بن مهيدي ،و حفاظا على الذاكرة التاريخية و الاعتناء بها ، نظم المسرح الجهوي لولاية بسكرة ،و بمساهمة الديوان البلدي للثقافة و السياحة و الرياضة بسكرة نهاية الأسبوع الماضي  ندوة فكرية تحت عنوان ( أهمية المسرح في تنمية الحركة الوطنية إبان الثورة التحريرية )  لاستذكار مناقب و بطولات الشهيد، شارك في تنشيطها الإعلامي عبد الحميد زكيري و الأستاذ عبد الرحمان رزيق و المخرج المسرحي احميدة خيذر، احتضنتها قاعة الفكر و الأدب بحضور السيد رئيس المجلس الشعبي البلدي مع جمع من المجاهدين و أبناء الشهداء و الفنانين و المثقفين من المدينة .

بعد قراءة فاتحة الكتاب و الترحم على روحه و أرواح الشهداء الطاهرة ، تناول الكلمة الأستاذ عبد الرحمان رزيق – ابن شهيد و مدير المجاهدين سابقا – حيث اعتبر الشهيد محمد العربي بن مهيدي من المحبين للحياة و المقبلين عليها، خاصة و قد تربى بين أحضان فرع الكشافة الإسلامية الجزائرية ببسكرة التي غرست فيه روح الوطنية الحقة حتى صار قائدا على وحدة الأشبال التابعة لفوج الرجاء ببسكرة ،إضافة الى انخراطه المبكر في صفوف  فرقة – المستقبل – التي مثلت مسرحية (في سبيل التاج ) للكاتب و الشاعر الفرنسي فرنسوا كوبيه التي ترجمتها الى العربية الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي ـ ، و أدى فيها الشهيد  العربي بن مهيدي دور البطل – قسطنطين – الذي قام باغتيال والده الملك برانكوميرالذي خان وطنه مقابل منحه تاجا من طرف العدو ، كما كان يمارس رياضة كرة القدم ضمن فريق الاتحاد الرياضي البسكري ، و يعشق الاستماع الى الموسيقى الأندلسية . و رأى أن الجزائر اليوم بحاجة ماسة الى أمثاله من الثوار المثقفين  حتى تتمكن من الخروج من أزمتها الحالية بفضل حكمة الرجال و عبقريتهم ، و بتضحياتهم التي تأتي دوما بالنتيجة الأجمل .كابتسامة الشهيد لحظات قبل إعدامه ،و التي بقيت عنوان العزة و العنفوان و الفداء .

الممثل و المخرج المسرحي احميدة  خيذر توقف عند مقاربة أدبية و نفسية و اجتماعية لمسرحية ( في سبيل التاج ) بعد إبراز  أهم التيارات الفكرية و الفنية السائدة في الوطن العربي أثناء الحرب العالمية الثانية، و قال أن هذه المسرحية  تعد بمثابة رسالة تربوية و نضالية من أجل تقوية الهمم و نشر الوعي السياسي بين الناشئة ، حيث تم عرضها باللغة العربية المهذبة لتسهيل إيصال أفكارها الداعية الى حب الوطن و التعلق بأمجاده الى أكبر عدد من الجمهور ،رغم المضايقات التي عرفها أعضاء الفرقة المسرحية و المشرفين عليها من أمثال المربي علي مرحوم و الشيخ محمد العابد الجلالي ،و قد تم تمثيلها  في عدة مدن جزائرية منها تبسة .وبسبب  المطاردة المستمرة من طرف السلطات الفرنسية لشهيد العربي بن مهيدي في آخر عرض لها سنة 1948  دخل الحياة السرية . و اعتبر المتدخل أن الشهيد حسب معاصريه هو المحرك الرئيسي للنشاطات الثقافية و التوعية ببسكرة ،و من المجندين الفاعلين  للشباب الجزائري ،وعبارته الشهيرة ( ألقوا بالثورة الى الشارع فسيحتضنها الشعب ) خير دليل على تحمسه للعمل الثوري .

الإعلامي و الكاتب عبد الحميد زكيري الذي صدر له مؤخرا  عن دار علي بن زيد للنشر و التوزيع كتاب باللغة الفرنسية  حول الشهيد محمد العربي بن مهيدي يقع في 256 صفحة تحت عنوان (تبادلات رسائل )،

أشار في بداية تدخله ،الى أنه كان يسابق الزمن من أجل الانتهاء من كتابه و تقديمه للطبع قبل حلول ذكرى يوم المجاهد المصادفة ليوم  20 أوت باعتبار الشهيد ابن مهيدي أحد المهندسين البارزين لمؤتمر الصومام و ترأس جلساته ، رغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها بعد انتشار فيروس كورونا ،و قد تحققت له هذه الأمنية الغالية بفضل جهود و مساهمة العديد من الوجوه الخيرة من أبناء المدينة التي أحبها من الأعماق .

الكتاب عبارة عن عملية استنطاق بواسطة  الحوار الذي يدور بين المؤلف و الشهيد ابن مهيدي ، و قد اختار المؤلف هذا الأسلوب في الكتابة حتى لا يقع في السرد التاريخي للأحداث و الوقائع بمنهجية أكاديمية مملة ، بل اختار  الأسلوب الأدبي الراقي و بلغة مهذبة مركزة لتشويق القارئ على معرفة الحقائق وتتبع الشهادات المقدمة من أصدقاء الشهيد كالهاشمي طرودي .

قسم كتابه الى فصلين، ففي  الفصل الأول تناول أسئلة المؤلف الموجهة للشهيد في قبره ،و أجوبة الشهيد عليها ،و هي تمتد من تاريخ ميلاد الشهيد الى غاية إعدامه دون محاكمة و بصورة بشعة في ليلة 03-04  مارس 1957 من طرف الجنرال السفاح بول أوساريس بعد تلقيه تعليمات من قيادته العسكرية .

 أما الفصل الثاني فهو عبارة عن أسئلة الشهيد التي طرحها على المؤلف باعتباره من الشاهدين على مرحلة الاستقلال و ما جاء بعدها من إنجازات، الى غاية انتخاب الرئيس عبد العزيز  تبون كرئيس للجمهورية ،و أجوبة المؤلف عليها .

بعدها فتح باب النقاش ،أتحف الشاعر الأزهر عجيري الجمهور بقصيدته – عيد الشهادة – ،ثم توالى المتدخلون منهم : المجاهد السعيد باشا و المجاهد عبد الحليم مولود  و البروفيسور أحمد فريجة و الأستاذ الأخضر رحموني و سليمان تيفروغي و لوماشي و الدكتور بركات حيث ثمنوا  هذه المبادرة الطيبة المقامة من طرف المسرح الجهوي ببسكرة ،و شاكرين الإعلامي عبد الحميد زكيري على تأليف كتابه ،مع دعوته القيام بترجمته الى اللغة العربية  التي يتقنها ،حتى يكون بين أيادي أكبر عدد من القراء ،خاصة فئة الجيل الجديد لما تضمنه من معلومات هامة و جديدة حول المشوار النضالي و السياسي للشهيد العربي بن مهيدي .

و بالمناسبة ، أهدى المسرحي احميدة خيذر قسما من أرشيفه الخاص حول الحركة المسرحية ببسكرة منذ عشرينيات القرن الماضي الى إدارة المسرح الجهوي حتى يستفيد من محتواه الدارسون و طلبة الجامعات ،و هو الذي يروي للأجيال مسيرة رجال  مسرح  مروا من هنا، و تركوا بصمتهم الخالدة في سجله الذهبي .

و في ختام الندوة ، شجع السيد أحمد خوصة مدير المسرح الجهوي ببسكرة  هذه المبادرة الشخصية التي تمنى تكرارها ،و دعا  جميع محبي المسرح الى تقديم ما يملكونه من أرشيف و صور و وثائق حول تاريخ المسرح في منطقة الزيبان حتى يتم الاحتفاظ بها لاستغلالها الإيجابي . كاشفا عن البرنامج المسطر للمسرح الجهوي ، كالشروع في تقديم  حصة – مسارات ركحية – التي تهدف الى التعريف في كل مرة  بأحد الممثلين المتميزين الذين أثروا الحركة الثقافية و المسرحية بالولاية .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق