وجها لوجه
أخر الأخبار

 الآثار النفسية للحجر الصحي  

وضعية الحجر لها أثارها النفسية ، و من الواجب الانتباه إلى هذا الجانب ، و التركيز عليه ، و الخطر أن التأثيرات  إذا غاب التكفل و المتابعة ، يمكن أن تمتد زمنيا و تراكم صدمات.دول انتبهت فجندت الأخصائيين النفسانيين  للمتابعة و المرافقة ، و تم تفعيل خلايا الإصغاء و الاتصال  .و بادر البعض عندنا بمبادرات جديرة بالتثمين ، لكنها غير كافية .و ربما المشكل العويص عندنا التباس النظرة إلى العلاج النفسي بصور نمطية سلبية و غير مؤسسة .و التأثيرات الخطيرة  بدأت مؤشراتها تظهر  كتفشي النزعة العدوانية و العنف في البيوت ضد النساء و الأطفال ، و تفشي ما صار يعرف بالتنمر  ، خصوصا وسط المراهقين .

يقول الكاتب و الباحث في الرياضيات نذير طيار :”أكبر خطر على الإنسان، جراء الحجر المنزلي الطويل، هو تحوله إلى كائن افتراضي مئة بالمئة، بحكم ضعف التواصل والتفاعل الاجتماعيين، وهيمنة العزلة الافتراضية العائلية على الجميع. عبر الهواتف الذكية واللوحات والحواسيب،.لن يكون بإمكاننا تقدير حجم خسائر هذا الإدمان الالكتروني، خاصة على الأطفال إلا في وقت متأخر، إذا لم نحسب للأمر حسابه منذ الان”.

و المشكلة تزداد تعقدا باضطراب لغة التواصل و كما يقول الكاتب سعيد خطيبي :

“في العزلة يفقد الفرد مقدرته على التخاطب، وعلى الحوار، قد يفقد أيضاً معارفه ومهاراته، فهذا الخيار يُحيله إلى نقصان وليس العكس، ويصير شخصاً لامرئياً، ففي عزلته لن يسمع صوتاً يقترب منه، لن يسمع أحداً يُنادي باسمه، إنه يقطع ذاكرته ويمحي صورته من أذهان الآخرين. وليس بالضرورة أن يبتعد كثيراً كي يُتيح لنفسه أسباب العزلة، لا يعني أن يتوارى في غابة، أو يسير ليالي في صحراء أو يختبئ في قرى لا تصل إليها كهرباء، بل يمكن أن نعيش في مدن صاخبة ونعتزل فيها، مدن اليوم هي الأفضل للاعتزال، نتحول فيها إلى لامرئيين ونختفي من أعين الناس، ونصير في حكم الغياب”.

كما أن من تداعيات وضعية الحجر ، الإحساس بافتقاد الأمان و تفشي الهلع الذي يجعل اكتساح المساحات التجارية و الشراء بشكل مفرط للمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع و السائل المعقم و الكمامات …و هذا الهلع  حضر في جميع البلدان و الجزائري ليس استثناء .يقول المفكر المغربي كمال عبد اللطيف :

“تبرز مظاهر هلع الناس في الأسواق، حيث يلجأ الجميع إلى الأسواق، مفترضاً أن الإجراءات الوقائية التي أعلنتها الحكومات تخفي أموراً أخرى. كما يبرز الهلع في الحالة التي أصبحت عليها مدنٌ في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وفي المغرب وتونس .. إلخ. حيث تحوَّلت مدن كثيرة إلى فضاءات مهجورة، اختفى السكان في البيوت، متناسين أن الوباء الشبح يتطاير ويتحول ويسقط ويتجدَّد، وأنه يختفي ثم يعود بمسمياتٍ أخرى ومواصفات أخرى. ولا يدري أحد المردودية المباشرة لمثل هذه الإجراءات، أما المختصون في علوم الأوبئة، فيتحدّثون عن التحولات التي تصاحب تطور كوفيد 19، حيث نتعلم أن هذا الفيروس انتقل من الطيور إلى البشر، ليَستقرَّ في أجهزة تَنَفُّسِهِم، متخذاً أشكالاً جديدة منحته القدرة على مزيد من الانتشار. وهو لا يكتفي في تصوُّرنا بهذا، إنه في تحوُّلِه يساهم أيضاً في تحويل المجتمعات التي ينتشر فيها. وهكذا، ومنذ أصبح الوباء موضوع الساعة في مجتمعنا، دفعنا إلى الانخراط في حياة أخرى”.

و دور الأخصائيين النفسانيين محوري في هذا السياق ، بل هو دوما محوري ، لكن في الظروف الاستثنائية تزداد محوريته .

محمد بن زيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق